للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٩١ - وعن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير، والقراءة بـ {الحمد لله رب العالمين}. وكان إذا ركع لم يشخص رأسه، ولم يصوبه؛

ــ

وكذلك الأمر بتكبيرة الإحرام وبقراءة ما تيسر من القرآن، فدلت علي أن المذكورات في الصلاة من جنسها في الفريضة كما يقتضيه علم المعإني والبعيد، علي أن كم للصلاة من فرائض وسنن وآداب لم يذكرها في الحديث، لما لم يكن غرض فيها.

((مح)): هذا الحديث محمول علي بيان الواجبات دون السنن. فإن قيل: لم يذكر فيه كل الواجبات من المجمع عليه، كالنية، والقعود في التشهد الأخير، وترتيب أركان الصلاة، والمختلف فيه كالتشهد الأول، والصلاة علي النبي صلى الله عليه وسلم. والجواب أن الواجبات المجمع عليها كانت معلومات عند السائل، فلم يحتج إلي بيانها، وكذلك المختلف فيها، وفيه دليل علي وجوب الاعتدال من الركوع، والجلوس، ووجوب الطمإنينة في الركوع، والسجود والجلوس بين السجدتين، وهو مذهب الجمهور، ولم يوجبها أبو حنيفة وطائفة يسيرة، وهذا الحديث حجة عليهم، وليس عنه جواب صحيح، وأما الاعتدال فمن المشهور من مذهبنا أنه يجب الطمإنينة فهي كما يجب في الجلوس بين السجدتين، ووقف في إيجابها فيه بعض أصحابنا، واحتج هذا القائل بقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: ((ثم ارفع حتى تعتدل قائماً)) اكتفي بالاعتدال، ولم يذكر الطمإنينة كما ذكر في سائرها.

((تو)) فإن قيل: لم سكت عن تعليمه أولاً حتى افتقر إلي الرجعة كرة بعد أخرى؟ قلنا: إن الرحل لما رجع لإعادة الصلاة ولم يستكشف الحال من مورد الوحي والإلهام، ومصدر الشرائع والأحكام، كأنه اغتر بما عنده من العلم، فسكت صلى الله عليه وسلم عن تعليمه زجراً وتأديباً، وإرشاداً إلي استكشاف ما استبهم عليه بالسؤال، فلما رجع إلي السؤال، وطلب كشف الحال، أرشده إليه وبين ما استبهم عليه، والعلم عند الله. ((مح)): فيه الرفق بالمتعلم والجاهل، وملاطفته، وإيضاح المسألة له، وتلخيص المقاصد، والاقتصار في حقه علي المهم، دون المكملات التي لا يحتمل حاله حفظها، والقيام بها. وفيه استحباب السلام عند اللقاء وإن تكرر مع قرب العهد، ووجوب رده. وفيه أن من أخل ببعض واجبات الصلاة لا تصح صلاته، ولا يسمى مصلياً، بل يقال: لم يصل.

الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((يستفتح الصلاة)) ((قض)): يبدؤها ويجعل التكبير فاتحها، و ((القراءة)) عطف علي ((الصلاة)) أي يبتدئ القراءة بسورة الفاتحة. فيقرؤها، ثم يقرأ السورة، وذلك لا يمنع تقديم دعاء الاستفتاح، فإنه لا يسمى في العرف قراءة، ولا يدل علي أن

<<  <  ج: ص:  >  >>