٨١٧ - وعن جبير بن مطعم، أنه رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة قال:((الله أكبر كبيراً، الله أكبر كبيراً، الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، والحمد لله كثيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلا)) ثلاثاً، ((أعوذ بالله من الشيطان، من
ــ
ثم قال أبو عيسى: وقال أحمد: لا يصح هذا الحديث. ثم روى أبو عيسى بعد ذلك حديث عائشة رضي الله عنها عن الحسن بن عرفة، عن أبي معونة، عن حارثة بن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة رضي الله عنها، ثم قال: هذا حديث لا نعرفه من هذا الوجه، وحارثة قد تكلم فيه من قبل حفظه، فظن المؤلف أن هذا الكلام من أبي عيسى طعن في متن هذا الحديث، وليس الأمر علي ما ظن؛ فإن الذي ذكره أبو عيسى في علي الرفاعي في إسناد حديث أبي سعيد لا يكون حجة علي ضعف هذا الحديث؛ لأن سياق حديث أبي سعيد غير سياق حديث عائشة علي ما بينا، ألا ترى أنه قال: وقال أحمد: لا يصح هذا الحديث، وأحمد قد انتهي إليه حديث عائشة رضي الله عنها بإسناد موثوق به، فأخذ به كما ذكرنا عن مذهبه.
وأما ما ذكره الترمذي من أمر حارثة بن أبي الرجال فإنه قد تكلم في إسناد الحديث من الوجه الذي ذكره، ولم يقل: إن إسناده مدخول فيه من سائر الوجوه، مع أن الجرح والتعديل يقع في حق أقوام علي وجه الاختلاف، وربما ضعف الراوي من قبل أحد الأئمة ووثق من قبل آخرين، وهذا الحديث رواه الأعلام من أئمة الحديث، وأخذوا به، ورواه داود في جامعة عن [حسين بن عيسى]، عن طلق بن غنام، وعن عبد السلام بن [حرب الملائي]، عن [بديل] بن ميسرة، عن أبي [الجوزاء]، عن عائشة رضي الله عنها. وهذا إسناد حسن، رجاله مرضيون، فعلمنا أن أبا عيسى لم يرم هذا الحديث بالضعف علي الإطلاق، وإنما تكلم في الإسناد الذي أورده. ثم إني لم أشبع القول في بيان ذلك إلا حذراً من أن يتسارع إليه طالب علم بالطعن إلي هذا الحديث من غير روية وبصيرة، اتكالاً علي ما يجده في كتاب المصابيح، فيتأثم به، وأعوذ بالله أن أنصر عصبية، أو أدعو إلي عصبية، والله حسبي علي ذلك.
قوله: ((وقد تكلم فيه من قبل حفظه)). قال ابن الصلاح: أجمع جماهير أئمة العلم بالحديث والفقه والأصول علي أنه يشترط فيمن يحتج بحديثه العدالة والضبط، والعدالة معروفة، وأما الضبط فأن يكون متيقظاً حافظاً إن حدث من حفظه، ضابطا لكتابة إن حدث منه عارفاً لما يختل به المعنى إن روى به.
الحديث الثاني عن جبير: قوله: ((الله أكبر كبيراً)) حال مؤكدة، نحو: هو عبد الله شجاعاً، وزيد أبوك عطوفا. قوله:((بكرة وأصيلا)) ((مظ)): خصا بالذكر لاجتماع ملائكة الليل والنهار فيهما. وأقول: الأظهر أن يقال: يراد بهما الدوام، كما في قوله تعالي:{لهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} أراد دوام الرزق ووروده.