للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية لمسلم: ((لمن لم يقرأ بأم القرآن فصاعداً)).

٨٢٣ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صلي صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج- ثلاثاً- غير تمام)). فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام. قال: اقرأ بها في نفسك؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((قال الله تعالي؛ قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل. فإذا قال العبد:

ــ

ولقائل أن يقول؛ ((فصاعدا)) يدفعه؛ لأن الزائد علي الفاتحة ليس بواجب. قال في النهاية: معنى ((فصاعداً)) فما زاد عليها، كقوله: اشتريته بدرهم فصاعداً، وهو منصوب علي الحال، تقديره فزاد الثمن صاعداً. وقال المظهر: تقدير كون صاعداً حالا أن يقال تقديره: لمن لم يقرأ بأم القرآن فقط، أو بأم القرآن في حال كون قراءته صاعداً، أي زاد علي أم القرآن.

والجواب أن يقال: إن القائلين بوجوب القرآن في الصلاة اختلفوا في ن الفاتحة متعينة أم لا، لكن لم يقل أحد: إن الفاتحة مع غيرها واجبة. فدل هذا الحديث علي وجوب الفاتحة، لا علي الفضل، كأنه قيل: الفاتحة واجبة في حال كونها مقرونة بشيء مما هو غير واجب. ((الكشاف)): في قوله تعالي: {وأتموا الحج والعمرة لله}: الدليل الذي ذكرنا أخرج العمرة من صفة الوجوب، فبقي الحج وحده فيها، فهما بمنزلة قولك: صم شهر رمضان وستة من شوال، في أنك تأمره بفرض وتطوع. هذه المسألة مبنية علي أن ملطق الأمر للوجوب إلا ما خصه الدليل.

الحديث الثاني عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((صلاة)) التنكير فيه إن أريد به البعضية كالظهر والعصر وغيرهما كان مفعولا به؛ لأن الصلاة حينئذ تكون اسماً لتلك الهيئات المخصوصة، والفعل واقعاً عليها، وإن أريد الجنس يحتمل أن يكون معفولاً به، وأن يكون مفعولاً مطلقاً.

قوله: ((أم القرآن)) ((حس)): سميت الفاتحة بأم القرآن لأنها أوله وأصله، وبه سميت مكة أم القرى؛ لأنها أول الأرض وأصلها، ومنها دحيت.

قوله: ((خداج)) ((تو)): أي ناقصة، يقول العرب: خدجت الناقة إذا ألقت ولدها قبل أوان النتاج وإن كان تام الخلق. وهو مصدر أقيم مقام اسم الفاعل، والمعنى فهي مخدجة ذات خداج. أقول: إن شرح هذا الحديث معضل وتطبيقه علي معنى السورة أعضل، ولذلك تكلم فيه العلماء، واختلفوا اختلافاً متبايناً، فلابد من إيراده.

<<  <  ج: ص:  >  >>