للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(الحمد لله رب العالمي)؛ قال الله: حمدني عبدي. وإذا قال: (الرحمن الرحيم) قال الله تعالي: أنثى علي عبدي، وإذا قال: (مالك يوم الدين)، قال: مجدني عبدي.

ــ

((مح)): التمجيد الثناء بصفات الجلال. ووجه مطابقته لقوله تعالي: ((مالك يوم الدين)) هو أنه تضمن أن الله تعالي هو المنفرد بالملك فيه كما في الدنيا، وفي هذا الاعتراف من التعظيم والتفويض للأمر ما لا يخفي.

وقال العلماء: المراد بالصلاة في قوله: ((قسمت الصلاة)) الفاتحة، سميت بذلك لأنها لا تصح إلا بها، كقوله: ((الحج عرفة)) وفيه دليل علي وجوبها بعينها في الصلاة. وفحوى ما قاله التوربشتي في هذا المقام هو أنه قد عرف أن المراد من لفظ الصلاة بما أردفه من التفسير والتفضيل أنها الفاتحة. وقال أيضاً: إن التنصيف منصرف إلي آيات السورة، وذلك أنها سبع آيات، فثلث منها ثناء، وثلث مسألة، والآية المتوسطة بين آيات الثناء وآيات المسألة نصفها ثناء ونصفها دعاء. فإذا ليست البسملة آية من الفاتحة.

وقال الشيخ محيي الدين: هذا قول واضح، وأجاب الأصحاب بوجوه: أحدها أن التنصيف عائد إلي جملة الصلاة لا إلي الفاتحة، هذا حقيقة اللفظ. والثاني أنه عائد إلي ما يختص بالفاتحة من الآيات الكاملة. والثالث معناه فإذا انتهي العبد إلي الحمد لله رب العالمين.

((قض)): الحديث دل علي فضل الفاتحة دون وجوبها، إلا أن يقال: قسمت الصلاة من حيث أنها عامة شاملة لأفراد الصلاة كلها، في معنى قولنا: كل صلاة مقسومة علي هذا الوجه، ويلزمه أن كل ما لا يكون مقسوماُ علي هذا الوجه لا يكون صلاة، والخالية عن الفاتحة لا تكون مقسومة علي هذا الوجه فلا تكون صلاة.

أقول: إن الفاء في قول أبي هريرة رضي الله عنه: ((فإني سمعت رسول الله يقول)) وتقرير التثلث في الألفاظ النبوية تفسيراً للتنصيف [يكشفان الغطاء]، ولا مطمع في [التوقيف] علي مغزى الكلام إلا ببيان موقعهما. أما الأول فلأن الفاء رتبت ما بعدها علي ما قبلها ترتيب الدليل علي المدعى؛ لأنه رضي الله عنه استشهد بالحديث الثاني لإثبات الكمال لمطلق الصلاة، ونفي النقصان عنه، كأنه قيل: قسمت الصلاة الكاملة نصفين، فلا يدل علي نفي حقيقة الصلاة كما قال، وفيه أيضاً إيجاب أجزاء الصلاة علي حقيقتها؛ لأن الكلام السابق سبق لها أصالة والثاني تابع له، فتكون الفاء في قوله: ((فإذا قال العبد)) للتعقيب، والشروع في بيان كيفية التقسيم لا المقسوم به، كما ظن الشيخ التوربشتي، وهذا هو الذي عناه شارح الصحيح بقوله: فإذا انتهي العبد إلي الحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>