فيما جهر فيه بالقراءة من الصلوات حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مالك، وأحمد، وأبو داود، والترمذي، والنسائي. وورى ابن ماجه نحوه. [٨٥٥]
٨٥٦ - وعن ابن عمر، والبياضي، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن المصلي يناجي ربه؛ فلينظر ما يناجيه به، ولا يجهر بعضكم علي بعض بالقرآن)). رواه أحمد. [٨٥٦]
٨٥٧ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وأذا قرأ فأنصتوا)). رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه. [٨٥٧]
٨٥٨ - وعن عبد الله بن أبي أوفي، قال: جاء رجل إلي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئاً، فعلمني ما يجزئني. قال:((قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله)). قال: يا رسول الله! هذا لله؛ فماذا لي؟ قال:((قل: اللهم ارحمني، وعافني، واهدني، وارزقني)) فقال هكذا بيديه وقبضهما. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أما هذا فقد ملأ يديه من الخير)). رواه أبو داود. وانتهت رواية النسائي عند قوله:((إلا بالله)). [٨٥٨]
ــ
والضمير راجع في ((يناجيه)) إلي الرب عز وجل وفي ((به)) إلي ((ما)) و ((ما)) مفعول ((فلينظر)) بمعنى فليتأمل في جواب ((ما يناجيه به))، من القول علي سبيل التعظيم والتبجيل، ومواطأة القلب اللسان، والإقبال إلي الله تعالي [بشراشره]، وذلك إنما يحصل إذا لم ينازعه صاحبه بالقراءة، ومن ثم عقبه بقوله:((ولا يجهر بعضكم علي بعض بالقرآن)) فعدي بعلي لإرادة معنى الغلبة أي لا يغلب ولا يشوش بعضكم بعضاً جاهراً بالقراءة.
الحديث الثاني عشر والثالث عشر عن عبد الله: قوله: ((أن آخذ)) ((غب)): الأخذ حوز الشيء وتحصيله. أقول: الظاهر أن هذه القضية- والله أعلم- ليست بمختصة بالصلاة، لأن الرجل قال: إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئاً، ومعناه إني لا أستطيع أن أحفظ شيئاً من القرآن، وأتخذه ورداً لي، فأقوم به آناء الليل وأطراف النهار، فلما علمه ما فيه تعظيم الله تعالي طلب ما يحتاج إليه، ويختص به من الرحمة والعافية [والهداية] والرزق. ويؤيد ما ذكرنا من أن مطلوبه ما يجعله ورداً له لا يفارقه أبداً- قبضة يديه، أي إني لا أفارقها مادمت حيا. ((مظ)): وما أحسن التجاوب الذي بين الأخذ في مفتتح الحديث، والقبض في مختتمه، قوله:((فقال هكذا)) أي [أشار] إشارة مثل هذه الإشارة المحسوسة.