٨٥٩ - وعن ابن عباس، رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ (سبح اسم ربك الأعلي)؛ قال:((سبحان ربي الأعلي)). رواه أحمد، وأبو داود [٨٥٩]
ــ
ثم إيراد هذا الحديث في هذا الباب هو الذي حمل الشيخ المظهر علي التكليف في تطبيق الحديث علي الصلاة، حيث قال: اعلم أن هذه الواقعة لا يجوز أن تكون في جميع الأزمان، لأن من يقدر علي تعلم هذه الكلمات يقدر علي تعلم الفاتحة لا محالة، بل تأويله، لا أستطيع أن أعلم شيئاً من القرآن في هذه الساعة، وقد دخل علي وقت الصلاة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل: سبحان الله إلي آخره؛ فمن دخل لعيه وقت صلاة مفروضة، ولم يعلم الفاتحة، ويعلم شيئاً من التسبيحات- سبحان الله إلي آخره- لزمه أن يقولها في تلك الصلاة بدل الفاتحة فإذا فرغ من تلك الصلاة لزمه أن يتعلم الفاتحة. فمن لم يعلم الفاتحة وعلم شيئاص من القرآن لزمه أن يقرأ ما يعلم من القرآن بقدر الفاتحة في عدد الآيات، وهذه الكلمات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم علمها ذلك الرجل أن يقرأها في الصلاة.
وعلي هذا يتوجه عليه ما ذكره الشيخ التوربشتي: لم يرد السائل بما قال القدر الذي تصح به الصلاة؛ لأن من المستبعد أن يعجز العربي المتكلم بمثل هذا الكلام عن تعلم مقدار ما يصح به الصلاة كل العجز، وإني كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرخص له في الاكتفاء بالتسبيح علي الإطلاق، من غير أن يبين ماله وعليه، ولو كان الأمر علي ما يقتضيه ظاهر اللفظ لعلمه الآية والآيتين مكان هذا القول، ولو قدر [مقدر] أن الرجل أدركته الفريضة ولم يتسع له الوقت أن يتعلم ما يجزئه، فأمره بذلك. فالجواب عن هذا أن لو كان الأمر علي ذلك لعلمه النبي صلى الله عليه وسلم بما يلزمه بعد ذلك، إذ لا يجوز عليه أن يسكت عن البيان عند الحاجة إليه، والله أعلم.
الحديث الرابع عشر عن ابن عباس: قوله: ((إذا قرأ سبح اسم ربك الأعلي)) ((مظ)): عند الشافعي يجوز مثل هذه الأشياء في الصلاة وغيرها، وعند أبي حنيفة لا يجوز إلا في غير الصلاة. أقول: وكذا عند مالك. ((تو)): هذا الحديث لا يدل علي أن هذا كان في الصلاة، إذ لو كان في الصلاة لبينه الراوي، ونقله غيره من الصحابة، مع شدة حرصهم علي الأخذ منه والتبليغ. ولو زعم أحد أنه في الصلاة، قلنا: يحمل ذلك علي غير الفريضة، علي ما في حديث حذيفة رضي الله عنه، لما حدث به عن صلاته مع النبي صلى الله عليه وسلم بالليل، وما أتى علي آية رحمة إلا وقف وسأل، وما أتى علي آية عذاب إلي وقف وتعوذ، ولم ينقل شيء من ذلك فيما جهر به من الفرائض مع كثرة من حضرها.
والجواب أن الحديث الآتي وعموم قوله صلى الله عليه وسلم: من قرأ كذا فليقل كذا مراراً ثلاثاً ظاهراً فيما ذهب إليه الشافعي رضي الله عنه، وعلي المخالف دليل الخصوص، ولأن من [يتعانى] هذه الشريطة غالباً يكون حاضر القلب، متخشعا خائفاً راجياً، يظهر افتقاره بين يدي مولاه،
٨٦٠ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من قرأ منكم بـ (التين والزيتون)، فانتهي إلي:(أليس الله بأحكم الحاكمين)؛ فليقل: بلي، وأنا علي ذلك من الشاهدين ومن قرأ:(لا أقسم بيوم القيامة) فانتهي (أليس ذلك بقادر علي أن يحيي الموتى) فليقل: بلي. ومن قرأ (والمرسلات) فبلغ: (فبأي حديث بعده يؤمنون)؛ فليقل: آمنا بالله)). رواه أبو داود والترمذي إلي قوله:((وأنا علي ذلك من الشاهدين)). [٨٦٠]