للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٨٤ - وعن شقيق، قال: إن حذيفة رأي رجلاً لا يتم ركوعه ولا سجوده، فلما قضى صلاته دعاه، فقال له حذيفة: ما صليت. قال: وأحسبه قال: ولو مت مت علي غير الفطرة التي فطر الله محمد صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري.

٨٨٥ - وعن أبي قتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته)). قالوا: يا رسول الله! وكيف يسرق من صلاته؟ قال: (لا يتم ركوعها ولا سجودها). رواه أحمد. [٨٨٥]

ــ

فإن قلت: كيف دل قوله: ((لا يتم)) علي ذلك؛ فإن تمامها غير متوقف علي الطمإنينة؟. قلت: مر في الحديث الثالث من الفصل الثاني من الباب بيانها من رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: ((فقال في ركوعه: سبحن ربي العظيم ثلاث مرات قد تم ركوعه وذلك أدناه)).

قال المالكي في قوله: ((ولو مت مت)) شاهد علي وقوع اجلواب موافقاً للشرط لفظاً ومعنى لتعلق ما بعده به، وهو أحد المواضع التي تتعرض فيها لفضيلة لتوقف الفائدة عليها، فيكون لها من لزوم الذكر ما للعمدة، ومنه قوله تعالي: {إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم} فلولا قوله ((علي غير الفطرة)) وقوله: ((لأنفسكم)) لم يكن للكلام فائدة.

أقول: فائدة المثل الأول تفخيم الأمر، وتهويل ما ارتكبه المصلي من ترك الطمإنينة، علي منوال قوله: ((من أدرك الضمان فقد أدرك)) أي مرعى لا يكتنه كنه. وفائدة المثال الثاني أن فائدة إحسانكم عائدة إليكم، لا يتجاوز إلي الغير، وليس فيه معنى التعظيم.

الحديث الرابع عن أبي قتادة: قوله: ((سرقة)) تمييز، ((غب)): السرقة أخذ ما ليس له أخذه في خفاء، وصار ذلك في الشرع لتناول الشيء من موضع مخصوص، وقدر مخصوص، أقول: جعل جنس السرقة نوعين: متعارفاً، وغير متعارف، وهو ما ينقص من هذا الركن من الطمإنينة، ثم جعل غير المتعارف أسوأ من المتعارف، وإنما كان أسوأ؛ لأن السارق إذاأخذ مال الغير بما ينتفع به في الدناي، ويستحل من صاحبه، أو تقطع يده، فيتخلص من عقاب الآخرة، بخلاف هذا السارق، فإنه سرق حق نفسه من الثواب، وأبدل منه العقاب في العقبى، وليس في يده سوى الضرر والتعب.

<<  <  ج: ص:  >  >>