للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٢٨ - وعن أبي طلحة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والبشر في وجهه، فقال: ((إنه جاءني جبريل، فقال: إن ربك يقول: أما يرضيك يا محمد! أن لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشراً، ولا يسلم عليك أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشراً؟)). رواه النسائي، والدارمي. [٩٢٨]

٩٢٩ - وعن أبي بن كعب، قال: قلت: يا رسول الله! إني أكثر الصالة عليك، فكم أجع لك من صلاتي؟ فقال: ((ما شئت)). قلت: الربع؟ قال: ((ما شئت، فإن زدت فهو خير لك)). قلت: ((فالثلثين؟ قال: ((ما شئت، فإن زدت فهو خير لك)). قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: ((إذا يكفي همك، ويكفر لك ذنبك)). رواه الترمذي. [٩٢٩]

ــ

فإن قلت: كان من حق ((ثم)) في قوله: ((ثم انسلخ)) علي ما قررت معنى الفاء من أن يقرن بعدم الغفران، وأن يقال: رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم لم يغفر له، أي بعيد منه ذلك، فما فائدة ((انسلخ)) ومجيء ((قبل)) وتأخير ذلك أن يغفر؟ قلت: الإيذان بأنه قد تراخى الغفران عنه لتقصيره، وكان من حقه أن يغفر قبل انسلاخ الشهر غرته، أو عقبها يوما فيوما.

قوله: ((فلم يدخلاه الجنة)) لما كان دخول الجنة من الله سبحانه وتعالي بواسطة برهما والإحسان إليهما- أسند إليهما مجازاً، كما في قولك: أنبت الربيع البقل، مبالغة.

الحديث السابع عن أبي طلحة: قوله: ((أما يرضيك)) هذا بعض ما أعطى من الرضا في قوله تعالي: {ولسوف يعطيك ربك فترضي}. وهذه البشارة في الحقيقة راجعة إلي الأمة، ومن ثم ظهر تمكن البشر في أسارير وجهه عليه السلام ظرفاً ومكاناً للبشر والطلاقة، وهذا رمز إلي نوع من الشفاعة، فإذا كان الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم توجب هذه الكرامة من الله سبحانه وتعالي، فما ظنك بقيامه وتشمره للشفاعة الكبرى؟ رزقنا الله إياها ولجميع المسلمين، آمين، رب العالمين.

الحديث الثامن عن أبي بن كعب: قوله: ((فكم أجعل لك من صلاتي)) ((تو)): المعنى كم أجعل لك من دعائي الذي أدعو به لنفسي، ولم يزل يعارضه ليوقفه علي حد من ذلك. ولم ير النبي صلى الله عليه وسلم أن يحد له في ذلك حداً؛ ئلا تلتبس الفضيلة بالفريضة أولا، ثم لا يغلق عليه باب المزيد ثإنياً، فلم يزل يجعل الأمر فيه مراعياً لقرينة الترغيب والحث علي المزيد حتى قال: ((إذا أجعل لك صلاتي كلها))، أي أصلي عليك بدل ما أدعو به لنفسي، فقال: ((إذاً يكفي

<<  <  ج: ص:  >  >>