للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٢٧ - وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة. رواه الترمذي. [٩٢٧]

ــ

قوله: ((فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم)) ((قض)): وذلك أن النفوس القدسية إذا تجردت عن العلائق البدنية عرجت واتصلت بالملأ الأعلي، ولم يبق لها حجاب، فيرى الكل كالمشاهد بنفسها، أو بإخبار الملك لها، وفيه سر يطلع عليه من يتيسر له.

الحديث السادس عن أبي هريرة: قوله: ((ثم انسلخ)) ((ثم)) هذه استبعادية، كما في قولك لصاحبك تإنيباً له: بئس ما فعلت، وجدت مثل تلك الفرصة ثم لم تنتهزها. وكذا الفاء في قوله: ((فلم يصل علي)) و ((فلم يدخلاه الجنة))، ويؤيده ورود هذا الحديث في بعض روايات صحيح مسلم بفظ ((ثم)) بدل الفاء في قوله: ((فلم يدخلاه الجنة)). ونظير وقوع الفاء موقع ((ثم)) الاستبعادية قوله تعالي في سورة الكهف: {ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها}. وفي سورة السجدة: ((ثم أعرض عنها)). وقد تقرر أن قولهم: ((رغم أنف فلان)) كناية عن غاية الذل والهوان، وأن الصلاة علي النبي صلى الله عليه وسلم عبارة عن تعظيمه وتبجيله، فمن عظم رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبيبه عظمه الله، ورفع قدره في الدارين، ومن لم يعظمه أذله الله فالمعنى: بعيد من العاقل بل من المؤمن المعتقد أن يتمكن من إجراء كلمات معدودة علي لسانه فيفوز بعشر صلوات من الله عز وجل، وبرفع عشر درجات له، وبحط عشر خطيئات عنه، ثم لم يغتنمه حتى يفوت عنه، فحقيق بأن يحقره الله تعالي، ويضرب عليه الذلة والمسكنة، وباء وبغضب من الله تعالي. ومن هذا القبيل عادة أكثر الكتاب أن يقتصروا في كتابة الصلاة والسلام علي النبي صلى الله عليه وسلم علي الرمز.

وكذا شهر رمضان شهر الله المعظم، {الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان}، فمن وجد فرصة تعظيمه بأن قام فيه إيماناً واحتساباً عظمه الله، ومن لم يعظمه حقره الله تعالي. وتعظيم الوالدين مستلزم لتعظيم الله، ولذلك قرن الله سبحانه وتعالي الإحسان إليهما وبرهما بتوحيده وعبادته، في قوله تعالي: {وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا} فمستبعد ممن منح ووفق الإحسان إليهما، لاسيما في حال كبرهما، وأنهما عنده في بيته كلحم علي وضم، ولا كافل لهما سواه، إن لم يغتنم هذه الفرصة فجدير بأن يهان ويحقر شأنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>