يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقدون ولا نعتق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أفلا أعلمكم شيئاً تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منك، إلا من صنع مثل ما صنعتم؟)) قالوا: بلي يا رسول الله! قال: ((تسبحون، وتكبرون، وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين مرة)). قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا، ففعلوا مثله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)). متفق عليه. وليس قول أبي صالح إلي آخره إلا عند مسلم. وفي رواية للبخاري:((تسبحون في دبر كل صلاة عشراً، وتحمدون عشراً، وتكبرون عشراً)) بدل: ((ثلاثاً وثلاثين)).
٩٦٦ - وعن كعب بن عجرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((معقبات لا يخيب قائلهن- أو فاعلهن- دبر كل صلاة مكتوبة، ثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وأربع وثلاثون تكبيرة)). رواه مسلم.
ــ
الحديث السابع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((الدثور)) جمع دثر- بالسكون- وهو المال الكثير، والباء في ((بالدرجات)) بمعنى المصاحبة، وهو أولي وأوقع في هذا المقام من الهمزة المتضمنة لمعنى الإزالة، يعني ذهب أهل الدثور بالدرجات العلي، واستصحبوها معهم في الدنيا والآخرة، ومضوا بها، ولم يتركوا لنا شيئاً منها، فما حالنا يا رسول الله؟ ولو قيل: أذهب أهل الدثور الدرجات، أي أزالوها، لم يكن بذلك. هذا مذهب المبرد، وصاحب الكشاف نص في قوله تعالي:{ذهب الله بنورهم} علي هذا المعنى، ولم يقف علي سر المعإني من النحاة تكلم عليه، وقد أجبنا عن ذلك في فتوح الغيب مستقصى. وهذا الحديث من أقوى الدليل علي ما قصدناه.
الحديث الثامن: قوله: ((النعيم المقيم)) وصفه بـ ((المقيم)) تعريضاً بالنعيم العاجل، فإنه قلما يصفو، وإن صفا فهو في وشك الزوال، وسرعة الانتقال. فإن قلت: ما معنى الأفضلية في قوله: ((لا يكون أحد أفضل منكم)) مع قوله: ((إلا من صنع مثل ما صنعتم))، فإن الإفضلية تقتضي الزيادة، والمثلية المساواة؟ قلت: هو من باب قوله:
وبلدة ليس بها إنيس إلا اليعافير وإلا العيس
يعني إن قدر أن المثلية تقتضي الأفضلية فتحصل الأفضلية، وقد علم أنها تقتضيها، فإذا لا يكون أحد أفضل منك. وهذا علي مذهب التميمي. ويحتمل أن يكون المعنى ليس أحد أفضل