هذه الصلاة، أو مثل هذه الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وكان أبو بكر وعمر يقومان في الصف المقدم عن يمينه، وكان رجل قد شهد التكبيرة الأولي من الصلاة، فصلي نبي الله صلى الله عليه وسلم، ثم سلم عن يمينه وعن يساره، حتى رأينا بياض خديه، ثم انفتل كانفتال أبي رمثة- يعني نفسه- فقام الرجل الذي أدرك معه التكبيرة الأولي من الصلاة يشفع، فوثب إليه عمر، فأخذ بمنكبيه، فهزه، ثم قال: اجلس، فإنه لم يهلك أهل الكتاب إلا أنه لم يكن بين صلاتهم فصل. فرفع النبي صلى الله عليه وسلم بصره، فقال:((أصاب الله بك يا بن الخطاب!)). رواه أبو داود [٩٧٢]
٩٧٣ - وعن زيد ابن ثابت، قال: أمرنا أن نسبح في دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، ونحمد ثلاثاً وثلاثين، ونكبر أربعاً وثلاثين، فأتي رجل في المنام من
ــ
قوله:((شفع)) الشفع ضم الشيء إلي مثله، يعني قام الرجل يشفع الصلاة بصلاة أخرى، وأما فائدة ذكر ((قد شهد التكبيرة الأولي)) فللتنبيه علي أنه لم يكن مسبوقاً يقوم للإتمام. ويحتمل أن يراد بعدم الفصل ترك الذكر بعد السلام، والضمير في ((فإنه)) و ((أنه)) للشأن، واللام في الثاني مقدر، والمستثنى منه أعم عام التعليل. وقوله:((أصاب الله بك)) من باب القلب، أي أصبت الرشد فيما فعلت بتوفيق الله سبحانه وتعالي وتسديده.
وجاز أن يروى أصاب الله رأيك. والأول هو الرواية في سنن أبي داود، وجامع الأصول، ونظيره قولهم: عرضت الناقة علي الحوض، أي عرضت الحوض علي الناقة، وهو باب واسع في البلاغة.
قوله:((لن يهلك أهل الكتاب)) بالنصب مفعول، وفاعله بعد إلا، أي لن يهلكهم شيء إلا عدم الفصل بين الصلاتين، ((ولن)) استعمل في الماضي معنى ليدل علي استمرار هلاكهم في جميع الأزمنة، واستعمل ((هلك)) بمعنى أهلك. ((الجوهري)): يقول: هلكه يهلكه هلكا بمعنى أهلكه.
الحديث الثاني عن زيد: قوله: ((فأتى رجل)) لعل هذا الآتي في المنام من قبيل الإلهام نحو من كان يأتي لتعليم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، ولذلك قرره رسول الله بقوله:((فافعلوا)) وهذه الصلاة أجمع من تلك لاشتمالها علي التسبيح، والتمجيد، والتكبير، والتهليل، والعدد. والفاء في قوله:((فاجعلوها)) للتسبيب، مقررة من وجه ومفسرة من وجه، أي إذا كانت التسبيحات هذه والعدد مائة فقرروا العدد وأدخلوا التهليل فيها كما قبل العمل بها.