نعم. فتقدم فصلي ما ترك، ثم سلم، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، فربما سألوه، ثم سلم، فيقول: نبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم. متفق عليه، ولفظه
ــ
صلى الله عليه وسلم من الأفعال والأقوال إنما صدرت عن ظنه أنه أكمل صلاته، وخرج عنها، وما صدر من الجمع فتوهمهم أن الصلاة قد قصرت، وأنهم قد خرجوا منها، وأكملوها بالركعتين، فيكون كفعل الساهي والناسي وقولهما، وذلك لا يقطع الصلاة، والحديث دليل عليه.
أقول: إن جواب القاضي- لعلهما سمعاه من غيرهما فأرسلاه- مشكل؛ لأن الحديث متفق عليه، بلغ غاية الصحة، فكيف يظن به الإرسال؟ وغايته أنا ننكر أن قصة ذي اليدين كانت قبل بدل، ويعضده ما ذكره ابن الأثير في جامع الأصول أن ذا اليدين رجل من بني سليم، يقال له: الخرباق، صحابي حجازي، شهد النبي صلى الله عليه وسلم وقد سها في صلاته، وقيل له أيضاً: ذو الشمالين فيما رواه مالك بن أنس عن الزهري، قال ابن عبد البر: إن ذا اليدين غير ذي الشمالين، وأن ذا اليدين هو الذي جاء ذكره في سجود السهو، وأنه الخرباق، وأما ذو الشمالين فإن عمير بن عبد عمرو.
وقال ابن إسحاق: هو خزاعي، قدم أبوه مكة، شهد بدراً وقتل بها، وذو اليدين عاش حتى روى عنه المتأخرون من التابعين، وحديث سجود السهو قد شهده أبو هريرة (ورواه، وأبو هريرة- أسلم عام خيبر بعد بدر بأعوام. فهذا يبين لك أن ذا اليدين غير ذي الشمالين وكان الزهري مع علمه بالمغازي وجلالة قدره يقول: إن ذا اليدين هو ذو الشمالين المقتول ببدر، وأن قصة السهو كانت قبل بدر، ثم أحكمت الأمور، قال: وذلك وهم منه.
وقال ابن مندة: ذو اليدين رجل من أهل وادي القرى، يقال له: الخرباق، أسلم في آخر زمن النبي صلى الله عليه وسلم، والسهو كان بعد أحد، وقد شهده أبو هريرة وذو اليدين من بني سليم، وذو الشمالين من أهل مكة، قتل يوم بدر قبل سهو النبي صلى الله عليه وسلم بست سنين، وهو رجل من بني خزاعة حليف بني أمية، قال: ووهم فيه الزهري؛ فجعل مكان ذي اليدين ذا الشمالين.
وقال الشيخ محيي الدين: أما قول الزهري في حديث السهو: إن المتكلم هو ذو الشمالين، فلم يتابع عليه، وقد اضطرب الزهري في حديث ذي اليدين اضطراباً يوجب عند أهل العلم بالنقل ترك هذا الحديث من روايته خاصة. قال أبو عمر: لا أعلم أحداً من أهل العلم عول علي حديث الزهري في قصة ذي اليدين، وكلهم تركوه لاضطرابه، وأنه لم يتم له إسناداً ولا متناً، وإن كان إماماً عظيماً في هذا الشأن، فالغلط لا يسلم منه بشر، والكمال لله تعالي. وكل واحد