للبخاري، وفي أخرى لهما: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بدل ((لم أنس، ولم تقصر)): ((كل ذلك لم يكن))، فقال: قد كان بعض ذلك يا رسول الله!
ــ
يؤخذ من قوله ويترك، إلا النبي صلى الله عليه وسلم- انتهي كلامه.
وبهذا سلم الحديث من الإرسال، وتخلص من تعسف تأويل ((صلي بنا)) و ((صلي لنا)) بما أولوه. وإنما أوقع القاضي في تلك الورطة اضطراب الشيخ التوربشتي، حيث لم يثبت علي أمر، وأحسن ما ذهب إليه وأقربه إلي التحقيق قوله: الحديث الذي رواه أبو جعفر عن ابن عمر أن إسلام أبي هريرة كان بعد ما قتل ذو اليدين حديث ليس عند أهل النقل؛ لأن مداره علي عبد الله العمري وهو ضعيف عندهم، وقال الشيخ: أكثر أهل النقل علي أن ذا اليدين عاش حتى روى عنه المتأخرون من التابعين، وأما الذي قتل ببدر فهو ذو الشمالين رجل من خزاعة.
((حس)) احتج الأوزاعي بهذا الحديث علي أن كلام العمد إذا كان من مصلحة الصلاة لا تبطل الصلاة؛ لأن ذا اليدين كلم الناس عامدا، وكلم النبي صلى الله عليه وسلم عامداً، والقوم أجابوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنعم عامدين، مع علمهم بأنهم لم يتموا الصلاة. قال: ومن ذهب إلي أن كلام الناسي يبطل الصلاة زعم أن هذا كان قبل تحريم الكلام من حيث أن تحريم الكلام في الصلاة كان علة في الصلاة ثم نسخ، ولولا ذلك لم يكن أبو بكر وعمر وسائر الصحابة ليتكلموا مع علمهم بأن الصلاة لم تقصر، وقد بقي عليهم من الصلاة شيء، ولا وجه لهذا الكلام من حيث أن تحريم الكلام في الصلاة كان بمكة، وحدوث هذا الأمر إنما كان بالمدينة، لأن رواية أبي هريرة، وهو متأخرة الإسلام، وقد رواه عمران بن الحصين وهجرته متأخرة. أما كلام القوم فقد روى عن ابن سيرين أنهم أومأوا ي نعم، ولو صح أنهم قالوه بألسنتهم لكان ذلك جواباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأجابة الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة لا تبطل الصلاة، لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم مر علي أبي بن كعب وهو في الصلاة، فدعاه، فلم يجبه، ثم اعتذر إليه أنه كان في الصلاة، فقال صلى الله عليه وسلم: ألم تسمع الله يقول: {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم}. ويدل عليه أنك تخاطبه في الصلاة بالسلام، فتقول: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، هذا الخطاب مع غيره يبطل الصلاة. وأما ذو اليدين وكلامه فكان علي تقدير النسخ وقصر الصلاة، وكان الزمان زمان نسخ، وكان كلامه علي هذا التوهم في حكم كلام الناسي. وأما كلام الرسول صلى الله عليه وسلم فإنما جرى علي أنه قد أكمل الصلاة، فكان في حكم الناسي. وفي تسمية النبي صلى الله عليه وسلم ذا اليدين به دليل علي جواز التلقيب للتعريف، لا للشين والتهجين، وجاء في الحديث:((إنما أنسى لأسن)).
((خط)) فيه دليل علي أن من قال: لم أفعل كذا، وكان قد فعله ناسياً، فإنه غير كاذب وفيه من الفقه أن من تكلم ناسيا في صلاته لم تفسد صلاته، وكذلك من تكلم غير عالم بأنه في الصلاة، وفيه دليل علي أنه إذا سهي في صلاة واحدة مرات أجزأته لجميعها سجدتان وهو قول عامة الفقهاء. وحكى عن الأوزاعي أنه قال يلزمه لكل سهو سجدتان. وفيه دليل علي أنه لا