١٠٢٧ - وعن ابن عباس، قال: سجدة (ص) ليس من عزائم السجود، وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد فيها.
ــ
لإنكار فعل الشرك؛ والمعنى أتجعلون هؤلاء شركات الله؟ فأخبروني بأسماء هؤلاء إن كانت آلهة، وما هي إلا أسماء سميتموها بمجرد متابعة الهوى، لا عن حجة أنزلها الله تعالي بها.
روى الإمام في تفسيره عن محمد بن إسحاق بن خزيمة، أنه سئل عن هذه القصة، قال: إنها من وضع الزنادقة، وصنف فيها كتاباً. وقال الإمام أبو بكر البيهقي: هيه القصة غير ثابتة من جهة النقل، ثم أخذ يتكلم في أن رواة هذه القصة مطعونون. وذكر الشيخ أبو منصور الماتريدي في كتاب خصيص الأتقياء: الصواب أن قوله: ((تلك الغرإنيق العلي)) من جملة إيحاء الشيطان إلي أوليائه من الزنادقة، حتى يلقوا بين الضعفاء وأرقاء الدين؛ ليرتابوا في صحة الدين القويم، وحضرة الرسالة بريئة من مثل هذه الرواية. وقال بعض أهل التاريخ: إن هذه الرواية من مفتريات ابن الزعبري، ومن أراد المزيد فعليه بالتفسير الكبير، والله أعلم. وسنذكر في الفصل الثالث من الباب كلاماً من نحو هذا للشيخ محيي الدين النواوي في شرح صحيح مسلم.
الحديث الخامس عن ابن عباس رضي الله عنه: قوله: ((ليس من عزائم السجود)) ((قض)): يعني ليس من السجدات المأمورة، والعزيمة في الأصل عقد القلب علي الشيء، ثم استعمل لكل أمر محتوم، وفي اصطلاح الفقهاء الحكم الثابت بالأصالة، كوجوب الصلوات الخمس، وإباحة الطيبات. وإنما أتى بها صلى الله عليه وسلم موافقة لأخيه داود عليه السلام وشكراً لقبول توبته، فإنه روى عنه أنه قال:((سجدها أخي داود توبة، ونحن نسجدها شكراً)).
والحديث دليل الشافعي علي أبي حنيفة رضي الله عنهما- وقد استقر رأيهما علي أن عزائم السجود أربع عشرة، واتفقنا في تفاصيله، غير أن الشافعي قال: اثنتان منها في الحج بحديث عقبة، ولا شيء في (ص)، وعد أبو حنيفة واحدة في الحج، وواحدة في ((ص)) وللشافعي قول قديم: إنها إحدى عشرة، ولا شيء في المفصل؛ لقول ابن عباس رضي الله عنه إنه صلى الله عليه وسلم:((لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلي المدينة)) وهو قول مالك رضي الله عنه. ((الكشاف)): عبر في قوله تعالي: {خر راكعاً وأناب} بالراكع عن الساجد لأنه ينحني ويخضع كالساجد، وبه استشهد أبو حنيفة في سجود التلاوة علي أن الركوع يقوم مقام السجود. وعن الحسن أنه لا يكون ساجداً حتى يركع. قيل: فيه نظر؛ لأنه بعد تعبيره به عن الساجد لا يبقى الاستشهاد،