١٠٥٣ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلاً فيؤم الناس، ثم أخالف إلي رجال- وفي رواية: لا يشهدون الصلاة- فأحرق عليهم بيوتهم؛ والذي نفسي بيده، لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقا سميناً، أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء)). رواه البخاري، ولمسلم نحوه.
ــ
وإلا لم يكن لم صلي فذا درجة. أقول: ما يقنع بالدرجة الواحدة عن الدرجات الكثيرة إلا أحد رجلين: إما غير مصدق لتلك النعمة الخطيرة، أو سفيه لا يهتدي لطريق الرشد والتجارة المربحة.
((تو)): ذكر في هذا الحديث سبعاً وعشرين، وأتى في حديث أبي هريرة بخمس وعشرين، ووجه التوفيق أن يقال: عرفنا من تفاوت الفضل أن الزائد متأخر عن الناقص؛ لأن الله تعالي يزيد عباده من فضله، ولا ينقصهم من الموعود شيئاً، فإنه صلى الله عليه وسلم بشر المؤمنين أولاً بمقدار فضله، ثم رأي أن الله تبارك وتعالي يمن عليه وعلي أمته، فبشرهم به، وحثهم علي الجماعة، وهذا الذي ذكرناه هو الضابط في التوفيق بين الأحاديث المختلفة من هذا النوع. وأما وجه قصر أبواب الفضيلة علي خمس وعشرين تارة، وعلي سبع وعشرين أخرى، فإن المرجع في حقيقة ذلك إلي علوم النبوة التي قصرت عقول الألباء عن إدراك جملها وتفاصيلها، ولعل الفائدة فيما كشف به حضرة النبوة هي اجتماع المسلمين مصطفين كصفوف الملائكة المقربين، والاقتداء بالإمام، وإظهار شعار الإسلام وغيرها.
((مح)): ذكر فيه ثلاثة أوجه أحدها أن ذكر القليل لا ينفي الكثير، ومفهوم اللقب باطل، وثإنيها ما ذكرناه، وثالثها أنه مختلف باختلاف حال المصلي والصلاة، فيكون لبعضهم خمس وعشرون، ولبعضهم سبع وعشرون بحسب كمال الصلاة، والمحافظة علي هيئاتها، وخشوعها، وكصرة جماعتها، وشرف البقعة والإمام.
الحديث الثاني عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((فيحطب)) ((تو)) صوابه فيحتطب، وهذا الحديث علي هذا السياق في المصابيح أخرجه البخاري في باب إخراج الخصوم وأهل الريب من البيوت، ففي بعض نسخ يتحطب علي وزن يتفعل، وفي بعضها يحتطب من الاحتطاب، فعلمنا أن الغلط وقع من بعض الرواة، إذ التحطب علي وزن التفعل لم يوجد في كلامهم، وإنما يقال: حطب الحطب، واحتطبته، أي جمعته. قال المؤلف:((فيحطب)) كذا وجدناه في صحيح البخاري، والجمع للحميدي، وجامع الأصول، وشعب الإيمان، وليس في الصحيح في هذه الرواية ((لا يشهدون الصلاة)) بل في رواية أخرى له.