١١٣٨ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تبادروا الإمام: إذا كبر فكبروا، وإذا قال: ((ولا الضالين) فقولوا: آمين، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد))، متفق عليه؛ إلا أن البخاري لم يذكر:((وإذا قال: (ولا الضالين))).
١١٣٩ - وعن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب فرساً، فصرع عنه، فجحش شقه الأيمن، فصلي صلاة من الصلوات وهو قاعد، فصلينا وراءة قعوداً، فلما انصرف قال:((إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا صلي قائماً فصلوا قياماً، وإذا ركعوا فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا لك الحمد، وإذا صلي جالساً فصلوا جلوساً أجمعون)).
قال الحميدي: قوله: ((إذا صلي جالساً فصلوا جلوساً)) هو في مرضه القديم، ثم
ــ
الحديث الثالث، والرابع عن أنس رضي الله عنه قوله:((ليؤتم به)) ((قض)): الائتمام الاقتداء والاتباع، أي جعل الإمام ليقتدى به ويتبع، ومن شأن التابع أن لا يسبق متبوعه، ولا يساوقه، بل يراقب أحواله ويأتي علي أثره بنحو ما فعله. وقوله:((وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد)) يوهم أن المأموم لا يقول سمع الله لمن حمده. وهو مذهب مالك وأحمد رضي الله عنهما. وأجيب عنه بأنه لما كان الإمام يقوله، ينبغي أن يقوله المأموم تحقيقاً للائتمام المأمور به في صدر الحديث، والمقصود من قوله:((فقولوا)) تعليم الدعاء، لا المنع من غيره. وفيه نظر؛ لأن الفاء تقتضي معاقبة قوله هذا قول الإمام، وذلك ينفي التلفظ بغيره فيما بينهما، وقد انتفي المساوقة في التسميع؛ لقوله:((ليؤتم به)).
وقوله:((وإذا صلي جالساً فصلوا جلوساً)) أي إذا جلس للتشهد فاجلسوا، والمتشهد مصل وهو جالس. وقيل: معناه: أن الإمام لو جلس في حال القيام لعذره، وافقه المأموم وإن لم يكن به بأس. ثم اختلفوا فيه، فقيل: إنه محكم، باق علي حكمه، وهو قول أحمد وإسحاق. وقيل: إنه منسوخ بحديث عائشة رضي الله عنها، وهو ((أنه صلى الله عليه وسلم صلي في مرضه الذي توفي فيه قاعداً والناس خلفه قياماً)) وهو مذهب سفيان الثوري وابن المبارك وأبي حنيفة والشافعي رضي الله عنهم. وقال مالك: لا يجوز لأحد أن يؤم الناس قاعداً، وكلا الحديثين حجة عليه. ودليله ما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال:((لا يؤم أحد بعدي جالساً))، وهو مرسل ومحمول علي التنزيه، توفيقاً بينه وبينهما.