للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صلي بعد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم جالساً والناس خلفه قيام لم يأمرهم بالقعود، وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم. هذا لفظ البخاري. واتفق مسلم إلي ((أجمعون)). وزاد في رواية: ((فلا تختلفوا عليه، وإذا سجد فاسجدوا)).

١١٤٠ - وعن عائشة، قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء بلال ليؤذنه بالصلاة، فقال: ((مروا أبا بكر أن يصلي بالناس))، فصلي أبو بكر تلك الأيام. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم وجد في نفسه خفة، فقام يهادي بين رجلين، ورجلاه تخطان في الأرض، حتى دخل المسجد، فلما سمع أبو بكر حسه، ذهب يتأخر، فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يتأخر، فجأء حتى جلس عن يسار أبي بكر، [وكان أبو بكر] يصلي قائماً، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعداً، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صلي الله علي وسلم، والناس يقتدون بصلاة أبي بكر. متفق عليه. وفي رواية لهما: يسمع أبو بكر الناس التكبير.

ــ

((مح)): اختلفوا في قوله: ((إذا صلي جالساً فصلوا جلوساً)) فقالت طائفة بظاهره، وهو مذهب أحمد والأوزاعي- رضي الله عنهما-. وقال مالك في رواية: لا يجوز للقادر علي القيام أن يصلي خلف القاعد إلا قائماً. واحتجوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم صلي في مرض وفاته بعد هذا وصلي قاعداً وأبو بكر والناس من خلفه قياماً، وإن كان بعض العلماء زعم أن أبا بكر كان هو الإمام والنبي صلى الله عليه وسلم مقتد به، لكن الصواب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الإمام.

قوله: ((جحش)) ((نه)): أي انجدش وانسحج. قوله: ((قال الحميدي)) وهو من شيوخ البخاري، وليس بصاحب الجمع بين الصحيحين.

الحديث الخامس عن عائشة: قوله: ((لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم)) الثقل هنا عبارة عن اشتداد المرض، وتناهي الضعف، وركود الأعضاء عن خفة الحركات و ((التهادي)) قد سبق معناه.

قوله: ((يؤذنه)) ((مظ)): -بسكون الهمزة وتخفيف الذال- أي يعلمه ويخبره، ويؤذنه- بفتح الهمزة وتشديد الذال- يدعوه، والتأذين رفع الصوت في دعاء أحد غيره، ومنه الأذان. وقوله: ((حسه)) أي حركته، لعله من باب تسمية المفعول بالمصدر. وقوله: ((ذهب يتأخر)) أي طفق.

قوله: ((يسمع أبو بكر الناس التكبير)) يعني كان أبو بكر يسمع تكبير رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس، فيكون مقتدياً برسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس يقتدون بأبي بكر رضي الله عنه. وهذا توضيح الرواية السابقة ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعداً، يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والناس يقتدون بصلاة أبي بكر)). ويدفع زعم من قال: إن أبا بكر رضي الله عنه كان هو الإمام، والنبي صلى الله عليه وسلم مقتدياً به. وقول الحميدي صريح في أن حديث عائشة رضي الله عنه ناسخ لقوله: ((إذا صلي جالساً فصلوا جلوساً))، فوجب المصير إلي مذهب الإمامين رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>