فأجد في نفسي شيئاً من ذلك. فقال أبو أيوب: سألنا عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((فذلك له سهم جمع)). رواه مالك، وأبو داود. [١١٥٤]
١١٥٥ - وعن يزيد بن عامر، قال: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة، فجلست ولم أدخل معهم في الصلاة. فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم رإني جالساً فقال:((ألم تسلم يا يزيد؟)) قلت: بلي، يا رسول الله! قد أسلمت. قال:((وما منعك أن تدخل مع الناس في صلاتهم؟)) قال: إني كنت قد صليت في منزلي، أحسب أن قد صليتم. فقال:((إذا جئت الصلاة فوجدت الناس، فصل معهم وإن كنت قد صليت، تكن لك نافلة، وهذه مكتوبة))). رواه أبو داود. [١١٥٥]
ــ
التجريد؛ لأن الأصل أن يقال: أصلي في منزلي، بدل قوله:((يصلي أحدنا)). وقوله:((ذلك له سهم جمع)) أي نصيب من ثواب الجماعة. و ((ذلك)) مبتدأ و ((له)) خبره و ((سهم جمع)) فاعله، لاعتماد الظرف علي المبتدأ. ويجوز أن يكون الظرف خبر ((سهم جمع)) والجملة خبر ((ذلك))، والضمير المجرور ((للرجل))، والمشار إليه ((بذلك)) ما أشير به ذلك الأول والثاني، وهو ما كان يفعله الرجل من إعادة الصلاة مع الجماعة بعد ما صلاها منفرداً، كأنه قال: إن أجد في نفسي من فعلي ذلك حزازة، هل ذلك لي أم علي؟ فقيل:((ذلك له سهم جمع)) أي ذلك له لا عليه. ويجوز أن يكون المعنى: إني أجد في نفسي من فعلي ذلك روحاً وراحة، فقيل له: ذلك الروح نصيبه من صلاة الجماعة كما ورد أنه صلى الله عليه وسلم قال لبلال: ((أرحنا بها يا بلال)) أي أذن بالصلاة نسترح من شغل القلب بها عن الأمور الدنيوية. والأول أوجه، ويشهد له الحديث السابق واللاحق. وفي قوله:((فإني أجد في نفسي)) ضرب من الالتفات، حيث قال أولا:((إن أحدنا يصلي)) علي سبيل الغيبة، ثم التفت إلي حكاية النفس بقوله:((فأجد)).
الحديث الثالث عن يزيد بن عامر: قوله: ((أحسب أن قد صليتم)) جملة حالية، أي ظاناً صلاتكم. قوله:((وهذه مكتوبة)) جعلت الصلاة الواقعة في وقتها المسقطة للقضاء نافلة، والصلاة مع الجماعة التي هي غير مسقطة للقضاء فريضة، دلالة علي أن الأصل في الصلاة أن تصلي مع الجماع وما ليس كذلك فهو غير معتد به اعتدادها.