للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فيهن، ولله الحمد، أنت الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، وقولك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق، ومحمد حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت،

ــ

تضمحل الأنوار دونها، ولما هيأ للعالمين من النور ليهتدوا به في عالم الخلق. فهذا الاسم علي هذا المعنى لا استحقاق لغيره فيه، بل هو المستحق له المدعو به. {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها}. ونعوذ بوجهه لكريم ممن يلحد في أسمائه.

أقول: هذا كلام متين لا مزيد عليه، سوى أن قوله: ((لا يكاد يستقيم إلا بالتقدير)). منظور فيه، لم لا يجوز أن يستعار للسماوات والأرض الهداية، لكونها دلائل منصوبة للمكلفين هادية إلي منشيءها كأنه قيل: الله هادي السماوات والأرض بما جعلها مكاناً للأدلة ومحلا لها. وعلي هذا قوله تعالي: {شهد الله أنه لا إله إلا هو} شهادته لنفسه إحداثه الكائنات الدالة علي وحدإنيته، ناطقة بالشهادة له، {وإن من شيء إلا يسبح بحمد} وعليه معنى الجمع في قوله: ((رب العالمين)) إذا أريد بالعالم: كل ما علم به الخالق؛ فإن كل عالم معلم من حيث إنه دل علي الخالق تعالي وتقدس. كذا قوله: ((ولما يلزم منه جعل المعطوف والمعطوف عليه شيئاً واحداً)) وذلك أن باب العطف التفسيري غير مسدود. ومن ذلك قوله تعالي: {وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار} إلي آخره فإنه عطف علي قوله: {أو أشد قسوة} لمزيد اعتناء واهتمام ما استغنى في خاتمة هذا الدعاء عن قوله: ((ولا إله غيرك)) بعد قوله: ((لا إله لا أنت)). وأما قوله: ((علي هذا فسر {الله نور السماوات والأرض} أي منورهما)) ففيه إشعار فسر قوله تعالي: {الله نور السماوات والأرض} بقوله: ((الله هادي أهل السماوات والأرض))؛ فهم بنوره إلي الحق يهتدون، وبهذا من حيرة الضلال ينجون. وقد تكلمنا في فتوح الغيب ما منحنا الله تعالي فيه من النكات، وهدانا إلي لطائف ولمعات.

هذا فسر الهداية بما يقابل الضلال. وأما إذا فسر الهداية بالدلالة الإرشاد، فكل من المخلوقات يهتدون بما فطروا إلي ما يتوصلون به إلي منافعهم، وما يحتاجون إليه .. قال الله تعالي: {ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه} ((الكشاف)): أي أعطى كل شيء صورته التي تطابق المنفعة المنوطة به، كما أعطى العين الهيئة التي تطابق الإبصار والأذن الشكل الذي يوافق الاستماع. وكذا سائر الأعضاء مطابق لما علق به من المنفعة، أو أعطي كل حيوان نظيره في الخلق

<<  <  ج: ص:  >  >>