والصورة، حيث جعل الحصان والحمار زوجين، والبعير والناقة، والرجل والمرأة، فلم يزاوج منها شي غير جنسه. ((ثم هدى)) أي ثم عرف كيف يرتفق بما أعطى، وكيف يتوصل إليه. فرجع المعنى إلي أن الله تعالي هادي خلق السماوات والأرض من ذوي العلم، وغيرهم، فكل يهتدي إلي ما يليق بحاله ويناسبه، فالعقلاء بنور الله يهتدون إلي ما فطروا له م العبادة والمعرفة، وغيرهم إلي ما جلبوا له. {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم}.
قوله:((ولقاؤك حق)) ((نه)): المراد بلقاء الله تعالي المصير إلي دار الآخرة، وطلب ما هو عند الله. وليس الغرض منه الموت. وقوله صلى الله عليه وسلم:((من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، والموت قبل لقاء الله)) بين أن الموت غير اللقاء، لكنه معترض دون الغرض المطلوب، فيجب أن يصبر عليه، ويحتمل مشاقة حتى يصل إلي الفوز باللقاء.
قوله:((الساعة حق)) ((نه)): الساعة لغة تطلق علي جزء قليل من اليوم والليلة، ثم استعيرت للوقت الذي تقوم فيه القيامة، يريد أنها ساعة خفيفة يحدث فيها أمر عظيم. قوله:((وإليك أنبت)) ((نه)) الإنابة الرجوع إلي الله تعالي بالتوبة. قوله:((وبك خاصمت)) ((حس)): أي بحجتك أخاصم من خاصمني ومن الكفارة، وأجاهدهم. وقيل: بتأييدك ونصرتك قاتلت، أو بوحيك ناظرت خصمي.
قوله:((وإليك حاكمت)) ((مظ)): المحاكمة رفع القضية إلي الحاكم، يعني رفعت أمري إليك، وجعلتك قاضياً بيني وبين من يخالفين فيما أرسلتني به، نحوه قوله تعالي:{أنت تحكم بين عبادك فميا كانوا فيه يختلفون}. وأما بيان النظم والتلفيق، فنقول- وبالله التوفيق -: إن قوله: ((اللهم لك الحمد)) مفيد للتخصيص؛ لتقديم الخبر. والحمد: هو الثناء علي الجميل الاختياري من نعمة وغيرها من الفضائل. فلما خص الحمد بالله تعالي قيل له: لم خصصتني بالحمد؟ فقال: لأنك أنت الذي تقوم بحفظ المخلوقات تراعيها، وتؤتي كل شيء ما به قوامه وما ينتفع به، ثم تهديه إليه بنور هدايتك؛ ليتوصل به إلي منافعه، وأنت القاهر علي المخلوقات لا مالك لهم سواك، ولا ملجأ ولا منجا إلا إليك ثم المرجع والمآب في العاقبة إليك، تجازيهم بما عملوا من المعاصي والطاعات بالثواب والعقاب، هذه كلها وسائل قدمت لتحقيق المطلوب المختص به صلى الله عليه وسلم من قوله:((اللهم لك أسلمت)) إلي آخره- وتكرير الحمد المخصص للاهتمام بشأن وليناط به كل مرة معنى آخر.