للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٢٩ - وعن عمرو بن عبسة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة؛ فكن)). رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب إسناداً. [١٢٢٩]

ــ

ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم}. وعلي الوجه الأول: ((يضحك)) مستعار للرضا علي سبيل التبعية، والقرينة الصارفة نسبة الضحك إلي من هو متعال عن صفات المخلوقين.

قوله: ((إذا قام بالليل)) ((إذا)) متمحض للظرفية، وهو بدل من ((الرجل)) كما في قوله تعالي: {واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت} و ((الرجل)) موصوف ((ثلاثة))، أي رجال ثلاثة يضحك الله منهم وقت قيام الرجل بالليل، فوضع الظرف مقام الرجل مبالغة علي منوال قولهم: أخطب ما يكون الأمير قائماً، أي أخطب أوقاته وإلا خطبته ليست للأوقات وإنما هي للأمير. وإنما قدم قيام الليل علي صف الصلاة وأخر صف القتال إما تنزلاً، فإن محاربة النفس التي هي أعدى عدو لله أشق من محاربة عدوك الذي هو الشيطان، ومحاربة الشيطان أصعب من محاربة أعداء الدين، أو ترقياً؛ فإن محاربة من يليك أقدم، والأخذ بالأصعب فالأصعب أحرى وأولي من أخذ الأصعب ثم الأسهل.

الحديث الثالث عن عمرو بن عبسة: قوله: ((في جوف الليل الآخر)) يحتمل: أن يكون حالاً من ((الرب)) - أي قائلاً في جوف الليل: ((من يدعوني فأستجيب له ...)) الحديث- سدت مسد الخبر، أو من ((العبد) ٩ أي قائماً في جوف الليل، داعياً مستغفراً علي نحو قولك سرني قائماً. ويحتمل أن يكون خبر ((الأقرب)) ومعناه قد سبق في باب السجدة مستقصى. فإن قلت: ما الفرق بين قوله في هذا الحديث: ((أقرب ما يكون الرب من العبد)) وهناك ((أقرب ما يكون العبد من ربه؟)) قلت: سبق في حديث أبي هريرة في قوله: ((ينزل ربنا تبارك وتعالي إلي السماء الدنيا)) الحديث، أن رحمته سابقة، فقرب رحمة الله من المحسنين سابق علي إحسانهم فإذا سجدوا قربوا من ربهم لإحسانهم، كما قال تعالي: {واسجد واقترب}. وفيه أن توفيق الله ولطفه وإحسانه سابق علي عمل العبد، وسبب له، ولولاه لم يصدر من العبد خير قط.

<<  <  ج: ص:  >  >>