ويدعوه، ثم ينهض، ولا يسلم، فيصلي التاسعة، ثم يقعد، فيذكر الله، ويحمده، ويدعوه، ثم يسلم تسليماً يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد، فتلك إحدى عشرة ركعة يا بني! فلما أسن صلى الله عليه وسلم وأخذ اللحم، أوتر بسبع، وصنع في الركعتين مثل صنيعه في الأولي، فتلك تسع يا بني!. وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا صلي صلاة أحب أن يداوم عليها، وكان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل صلي من النهار ثنتي عشرة ركعة، ولا أعلم نبي الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة، ولا صلي ليلة إلي الصبح، ولا صام شهراً كاملاً غير رمضان. رواه مسلم.
١٢٥٨ - وعن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً)) رواه مسلم.
١٢٥٩ - وعنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((بادروا الصبح بالوتر)) رواه مسلم.
ــ
الغرابة، كأنه تعالي نبه حبيبه لقضاء نهمته من حبيبه مناغاة ومناجاة بينهما من مكاشفات وأحوال. قال تعالي:{فأوحى إلي عبده ما أوحى ما كذب الفؤاد ما رأي} فأي غرابة أغرب من هذا. و ((ما)) موصولة والعائد محذوف، أي ما شاء فيه بمعنى المقدار، و ((من الليل)) بيانه.
قوله:((فيذكر الله ويحمده)) ((مظ)): أي يتشهد، فالحمد إذاً لمطلق الثاء؛ إذ ليس في التحيات لفظ الحمد. قوله:((ثم يصلي ركعتين)) ((مح)): قال أحمد رضي الله عنه: لا أفعلهما ولا أمنع فعلهما، وأنكر مالك رضي الله عنه. قال الشيخ محيي الدين: الصواب أن هاتين الركعتين فعلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الوتر جالساً، لبيان جواز الصلاة بعد الوتر، وبيان جواز النفل جالساً، ولم يواظب علي ذلك، وأما رد القاضي عياض رواية هاتين الركعتين، فليس بصواب؛ لأن الأحاديث إذا صحت وأمكن الجمع بينهما، تعين. وقد جمعنا بينها.
قوله:((لا أعلم نبي الله)) هذا من باب نفي الشيء بنفي لازمه، ولا يسلك هذا الأسلوب إلا في حق من أحاط علمه بالمعلوم، ويتمكن منه تمكناً تاماً، وهذا في علم الله تعالي مطرد. قال تعالي:{قل أتنبئون الله بما لا يعلم} أي بما لم يوجد ولم يثبت؛ لأنه لو وجد لتعلق علم الله به. وكذلك الصديقة ابنة الصديق رضي الله عنهما كانت مترقبة أحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلها ونهارها، وحضورها وغيبتها، مشاهدة ومسائلة، أي لم يكن يفعل المذكور إذا لو فعل لعلمته والله أعلم.
الحديث الخامس والسادس: عن ابن عمر رضي الله عنهما: قوله: ((بادروا الصبح بالوتر))