فاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم. قلت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، خمس عشرة مرة، ثم تركع، فتقولها وأنت راكع عشراً، ثم ترفع رأسك من الركوع، فتقولها عشراً، ثم تهوى ساجداً، فتقولها وأنت ساجد عشراً، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشراً، ثم تسجد
ــ
المنحة الدلالة علي فعل ما تفيده الخصال العشر. وعلي هذا معنى جميع ما قرن معه من الألفاظ.
وإنما أعاد القول بألفاظ مختلفة تقريراً للتأكيد، وتوطئة للاستماع إليه. وإنما أضاف فعل الخصال إلي نفسه في قوله:((ألا أفعل لك)) لأنه الباعث عليها. والخصال العشر منحصرة في قوله:((أوله وآخره)) إلي آخر ما ذكر في المصابيح من انضمام ((قديمه وحديثه)) إليها. فهذه الخصال العشر قد زادها إيضاحاً بقوله:((عشر خصال)) بعد حصر هذه الأقسام. فمن نصب ((عشراً)) فالمعنى: خذها، أو دونك عشر خصال.
فإن قيل: أليس الأول والآخر يأتيان علي القديم والحديث؟ وعلي هذا فما فائدة هذه الألفاظ وتقسيمها علي عشر خصال؟ قلنا: معنى قوله: ((أوله وآخره)) مبتدأ الذنب ومنتهاه. ومعنى ((قديمه وحديثه)) ما قدم به عهده وحدث. وقوله:((خطأه وعمده، صغيره وكبيره، سره وعلإنيته)) فهذه الأقسام الثلاثة وإن كانت متداخلة؛ لأن الخطأ والعمد يأتيان علي سائر أقسام الذنب، وكذلك الصغير والكبير، والسر والعلإنية؛ لأن جنس الذنب لا يخلو عن أحد القسمين من جملة الأقسام المذكورة، ولكن كل قسمين متقابلين منها متفارقين عن الآخر في الحد والحقيقة. فالحكم الذي يختص بالخطأ غير الحكم الذي يختص بالعمد. والمؤاخذة التي تتعلق بالصغيرة غير التي تتعلق بالكبيرة. وكذلك السر والعلإنية.
فإن قيل: الخصلة هي السجية الخلقية، أو المكتسبة، فتختص بمعنى محمود أو مذموم في نفس الإنسان، وهذه ليست كذلك. قلنا: قد يقال أيضاً لما تقع حاجة الإنسان إليه، لما روي ((ليس لابن آدم حق في سوى هذه الخصال: بيت يسكنه، وثوب يواري عورته، وجلف الخبز والماء)) فسماها خصالاً وهي خارجة عن نفس الإنسان. ((حس)): ((عشر خصال)) مفعول تنازعت عليه الأفعال قبله، ومعنى قوله:((أفعل بك عشر خصال)) أصيرك ذا عشر خصال. والمراد بها التسبيحات والتهليلات؛ لأنهما فيما سوى القيام عشر عشر.
أقول- وبالله التوفيق -: معنى قوله: ((ألا أفعل بك)) ألا آمرك بما إن فعلته تصير ذا عشر خصال. فالمعطي والمخبر هو الآمر؛ لأنه سبب لأن يصير ذا عشر خصال. والعشر سبب لمغفرة الذنوب كلها بأسرها. والتكريم لتفخيم المعطي، والترغيب فيه؛ ليتلقاه المأمور بشراشره. والمشار إليه بـ ((ذلك)) في قوله: ((إذا أنت فعلت ذلك)) هو المأمور به العشر من قوله: ((أن تصلي))