١٣٥٥ - وفي أخرى له عنه، وعن حذيفة، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث: ((نحن الآخرون من أهل الدنيا، والأولون يوم القيامة المقضي لهم قبل الخلائق)).
١٣٥٦ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خير يوم طلعت عليه
ــ
وقوله: ((الآخرون)) اللام فيه موصولة، و ((من أهل الدنيا)) حال من الضمير الذي في الصلة، وقوله:((المقضي لهم)) صفة ((الآخرون)) والضمير في ((لهم)) راجع إلي اللام؛ لأن المعنى: الآخرون الذين يقضي لهم قبل الناس، ليدخلوا الجنة قبلهم كأنه قيل: نحن الآخرون السابقون.
((مح)): الجمعة- بضم الميم وإسكانها وفتحها- حكاه الفراء. ووجه الفتح أنها مجمع الناس ويكثرون فيها، كما يقال: همزة ولمزة، لكثرة الهمز واللمز، وكانت تسمى في الجاهلية بالعروبة. وقوله:((اليهود غداً)) أي اليهود تبع لنا في غد، والنصارى تبع لنا بعد غد، والقرينة قوله:((والناس لنا تبع))؛ لأنه تفصيل للمجمل.
وقال المالكي: وقع ظرف الزمان فيه خبراً للجنة. والأصل أن يكون المخبر عنه بظرف الزمان من أسماء المعإني كقولك: غداً التأهب، وبعد غد الرحيل. فيقدر قبل اليهود والنصارى مضافاً من أسماء المعإني: أي تعبد اليهود غداً، وتعبد النصارى بعد غد. والله أعلم.
الحديث الثاني عن أبي هريرة: قوله: ((عليه)) الضمير عائد إلي ((يوم))، أي طلعت علي ما سكن فيه، قال تعالي:{وله ما سكن في الليل والنهار}. قوله:((وفيه أخرج منها)) فإن قلت: دخول الجنة فيه فضل لليوم، فما الفضل في خروجه؟ قلت: لما كان الخروج لتكثير النسل، وبث عباد الله تعالي في الأرضين، وإظهار العبادة التي خلق الخلق لأجلها، وما أقيمت السماوات والأرض لها، وكان لا يستتب ذلك إلا بخروجه منها، فكان أحرى بالفضل من استمراره فيها.
((مح)): قال القاضي عياض: الظاهر أن هذه القضايا المعدودة ليست لذكر فضيلته؛ لأن إخراج آدم عليه السلام، وقيام الساعة، لا يعد فضيلة، وإنما هو بيان لما وقع فيه من الأمور العظام وما سيقع، ليتأهب العبد فيه بالأعمال الصالحة لنيل رحمة الله، ودفع نقمه. أقول: وسيجيء في الفصل الثالث من الباب في الحديث الأول خلاف هذا. فإن قيل: ما أفضل الأيام؟ قيل: فيه وجهان: أصحهما يوم عرفة، والثاني يوم الجمعة لهذا الحديث. وهذا إذا أطلق، وأما إذا أريد أيام السنة فتعين يوم عرفة، وإذا أريد أيام الأسبوع تعين الجمعة.
الحديث الثالث عن أبي هريرة: قوله: (قائم يصلي يسأل الله)) كلها صفات لـ ((مسلم)).