٣٩_ وعن أبي هريرة [رضي الله عنه]، قال: كنا قُعودا حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ومعنا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما في نفر، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بين أظهرنا،
فأبطأ علينا، وخشينا أن يقتطع دوننا، وفزعنا فقُمنا، فكنت أول من فزع، فخرجتُ
أبتغى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى أتيتُ حائطا للأنصار لبنى النجار، فساورت به، هل أجد
له بابا؟ فلم أجد، فإذا ربيع يدخلُ في جوف حائط من بئر خارجة _ والربيع الجدول _
ــ
الحديث الرابع عن أبي هريرة (رضي الله عنه): قوله: (دوننا) حال من الضمير المستتر في
(يقطع) أي خشينا أن يصاب بمكروه من عدو أو غيره متجاوزا عنا، كقوله تعالى: (وادعوا
شهداءكم من دون الله). (الكشاف): ومعنى (دون) أدنى مكان من الشيء، ومنه الشيء
الأدون، واستعير للتفاوت في الأحوال والرتب، فقيل: زيد دون عمرو في الشرف والعلم،
ثم اتسع فيه واستعمل في كل تجاوز حد إلى حد.
قوله: (من بئر خارجة) (مح): هكذا ضبطناه بالتنوين في (بئر). وفي (خارجة) على أن
(خارجة) صفة ل (بئر)، وكذا نقله الشيخ أبو عمرو بن الصلاح عن الأصل، وذكر الحافظ أبو
موسى الأصفهاني وغيره أنه روى ثلاثة أوجه: أحدهما هذا، وفي الثاني من بئر خارجه _
بتنوين بئر وبهاء في آخر خارجه مضمومة، وهي هاء ضمير للحائط _ أي البئر في موضع خارج
عن الحائط. والثالث من بئر خارجة، بإضافة بئر إلى خارجه آخره تاء التأنيث، وهو اسم
رجل، والوجه الأول هو المشهور الظاهر. وقيل: البئر ههنا البستان من النخيل إذا كان
عليه جدار. والجدول النهر الصغير.
قوله: (فاحتفزت) (مح): هذا قد روى على وجهين: بالزاي، والراء، والصواب بالزاي
المعجمة، ومعناه تضاممت ليسعني المدخل. قوله: (كنت بين أظهرنا) يقال: نحن بين أظهركم،
وظهركم، وظهرانيكم _ بفتح النون _ أي بينكم، والظهر مقحم تأكيدا.
قوله: (فخشينا أن تقتطع دوننا، ففزعنا) عطف أحد المترادفين على الآخر إرادة الاستمرار،
مثل ما في قوله تعالى: (كذبت قوم نوح فكذبوا عبدنا) أي كذبوه تكذيبا غب تكذيب.
قوله: (فقال: أبو هريرة؟) أي فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أنت أبو هريرة؟ فعلى هذا أبو هريرة خبر
مبتدأ محذوف، والهمزة في المبتدأ يحتمل أن يحتمل أن تكون على حقيقتها، أو التقرير، أو التعجب، أما
على التقرير الأول فلعله - صلى الله عليه وسلم - كان غائبا عن من بشريته بسبب إيحاء هذه البشارة إليه فلم يشعر بأنه
ــ