للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

يارسول الله! من معك على هذا الأمر؟ قال: (حر وعبد). قلت: مالإسلام؟ قال: (طيب الكلام، وإطعام الطعام). قلت مالإيمان؟ قال: (الصبر والسماحة)) قال: قلت أي الإسلام أفضل؟ قال: (من سلم المسلمون من لسانه ويده). قال: قلت: أي الإيمان أفضل؟ قال: ((خلق حسن). قال: قلت: أي الصلاة أفضل؟ قال: (طول القنوت). قال: قلت: أي الهجرة أفضل؟ قال: (أن تهجر ماكره ربك). قال: فقلت: فأي الجهاد أفضل؟ قال: (من عقر جواده وأهريق دمه). قال: قلت: أي الساعات أفضل؟ قال: (جوف الليل الآخر) رواه أحمد.

ــ

الحديث الحادي عشر عن عمرو: قوله (من معك على هذا الأمر) أي من يوفقك على ما أتيت به من الدين؟ قال: (كل واحد من الحر والعبد). قوقوله: (طيب الكلام) جوابا على الإسلام حث له على مكارم الأخلاق، أي ما الإسلام إلا مكارم الأخلاق، ومن ثم سأل أي الإسلام –أي أي الأخلاق- أفضل؟ ومنه إسلام عبدالله بن سلام حين سمع قوله - صلى الله عليه وسلم -: (أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام) هذا يقابل قوله: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) فالأول تحلية، والثاني تزكية، ومن حق التحلية أن تؤخر عن التزكية، فقدمت في الحديث لأنها الغرض الأولي وإن كانت مؤخرة في الوجود.

قوله: (الصبر والسماحة) فسم الإيمان بهما لأن الأول يدل على الترك، والثاني على الفعل.

قال الحسن: الصبر عن معصية الله، والسماحة على أداء فرض الله، ثم جمع هاتين الهليقتين باللق الحسن، بناء ما قالت الصديقة (رضي الله عنها): (كان خلقه القرآن) أي يأتمر بما أمره الله تعالى فيه، وينتهي عما نهى الله عنه، ويجوز أن يحملا على الإطلاق ويكون قوله: (خلق حسن) بعد ذكرهما كالتفسير له؛ لأن الصبر على أذى الناس والسماحة بالموجود يجمعهما الخلق الحسن، وفيه معنى قوله تعالى: (ولا تستوي الحنة ولا السيئة غدفع بالتي هي أحسن) يعني إذا اعترضتك حسنتان فادفع بأحسنهما السيئة التي ترد عليك من بعض أعدائك، فمن أساء إليك إساءة فالحسنة أن تعفو عنه، والتي هي أحسن أن تحسن إليه مكان إساءته إليك، مثل من يذمك تمدحه، ومن يقتل ولده فتفتدي ولده من يد عدوه، ثم قال الله تعالى: (وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) أي ما يلقى هذه الخليقة والسجية إلا أهل الصبر

<<  <  ج: ص:  >  >>