للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٥٢٨ - وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالي يقول يوم القيامة: يا بن آدم، مرضت فلم تعدني. قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانًا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟ يا بن آدم استطعمتك فلم تطعمني. قال: يا رب كيف أطعمك وأنت رب العلمين؟ قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي؟! يا بن آدم استسقيتك فلم تسقنى. قال: يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟. قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما علمت أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي؟!)). رواه مسلم.

١٥٢٩ - وعن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل علي أعرابي يعوده، وكان إذا دخل علي مريض يعوده قال: ((لا بأس، طهور إن شاء الله) فقال له: ((لا بأس، طهور إن شاء الله)). قال: كلا، بل حمى تفور، علي شيخ كبير، تزيره القبور، فقال: ((فنعم إذن)). رواه البخاري.

ــ

الحديث السادس عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((وأنت رب العالمين)) حال مقررة لجهة الإشكال الذي يتضمنه معنى ((كيف)). ومعنى الرب المالك، والمربي، بمعنى الأول: أن العيادة إنما تكون للمريض العاجز، ويستحيل ذلك في حق المالك الحقيقي، أي كيف أعودك، وأنت القاهر القادر القوي المتين؟ وعلي الثاني، والثالث، أن الإطعام والإسقاء إنما يحتاج إليه الضعيف الذي يتقوت به، فيقوم صلبه به، وأنت مربي العالمين، والغني علي الإطلاق. وخص الأول بقوله: ((وجدتني عنده))، لأن العجز والانكسار ألصق وألزم هناك. والله تعالي أقرب إلي المنكسر المسكين. فإن قلت: الظاهر أن يقال: كيف تمرض مكان ((أعودك، وأنت رب العالمين؟)) قلت: عدل معتذرًا علي ما عوتب عليه، وهو مستلزم لنفي المرض. ((شف)): قال في العيادة: ((لوجدتني عنده)) وفي الإطعام والسقي: ((لوجدت ذلك عندي)) إرشاد إلي أن الزيارة والعيادة أكثر ثوابًا منهما.

الحديث السابع عن ابن عباس: قوله: ((تفور)) ((نه)): أي تظهر حرها، ووهجها، وغليانها. قوله: ((فنعم إذن)) الفاء مرتبة علي محذوف، و ((نعم)) تقرير لما قال، يعني أرشدتك بقولي: لا بأس عليك، إلي أن الحمى تطهرك، وتنفي ذنوبك، فاصبر، واشكر الله عليهما، فأبيت إلا اليأس، والكفران، فكان كما زعمت، وما اكتفيت بذلك، بل رددت نعمة الله وأنت مسجع به. قاله غضبًا عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>