حين يعطى أهل البلاء الثواب، لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا بالمقاريض)). رواه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب.
١٥٧١ - وعن عامر الرام، قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسقام، فقال:((إن المؤمن إذا أصابه السثم، ثم عافاه الله عز وجل منه، كان كفارة لما مضى من ذنوبه، وموعظة له فيما يستقبل. وإن المنافق إذا مرض ثم أعفي، كان كالبعير إذا عقله أهله ثم أرسلوه، فلم يدر لم عقلوه ولم أرسلوه)). فقال رجل: يا رسول الله! وما الأسقام))؟ والله ما مرضت قط. فقال:((قم عنا فلست منا)). رواه أبو داود. [١٥٧١]
ــ
المودة التي بمعنى التمني. ولا بد لقوله:((يود)) من مفعول، ((ولو)) أيضًا للتمني، فلا يصلح أن تكون مفعولاً إلا علي التاويل، فنزل مع ما بعده منزلته، كأنه قيل: يود أهل العافية ما يلازم لو أن جلودهم كانت مقرضة في الدنيا، وهو الثواب المعطى علي الابتلاء. ولو قيل: لو أن جلودنا، لكان التقدير: يود أهل العافية الابتلاء في الدنيا قائلين: ليت جلودنا كانت قرضت بالمقاريض، فنلنا الثواب المعطى علي الابتلاء. فاختير في الحديث علي التكلم؛ لأنه أقل إحواجًا إلي التقدير، فعلي هذا مفعول ((يود)) محذوف، و ((لو)) مع ما بعده مقول للقول، وهو حال من فاعل (يود)).
الحديث الثاني والعشرون عن عامر: قوله: ((وإن المنافق)) إلي آخره. مقابل لقوله:((إن المؤمن)) وقد شبه بالبعير المرسل بعد القيد في أنه لا يدري فيم قيد، وبما أرسل، يعنى من حقه أنه إذا مرض عقل أن مرضه بسبب ما ارتكبه من الذنوب، فإذا أعفي لم يقدم علي ما تقدمه، فلما لم يتنبه عليه جعل كالبعير، كما قال تعالي:{أولئك كالأنعام بل هم أضل} فينبغي تأويل ما يقابله بهذا المعنى، كأنه قيل: إن المؤمن إذا مرض ثم عوفي تنبه وعلم أن مرضه كان مسببًا عن الذنوب الماضية، فيندم ولا يقدم علي ما مضى، فيكون كفارة لها؛ فوضع المسبب الذي هو الكفارة موضع السبب الذي هو التوبة والندم، تنبيهًا علي تيقظه، وبعد غور إدراكه لتقابل نسبة البلادة إلي المنافق، وتشبيهه بالنعم.
قوله:((وما الأسقام)) عطف علي محذوف، أي عرفنا ما يترتب علي الأسقام من الثواب وما الأسقام. وقوله:((قم عنا)) ضمن ((قم)) معنى ابعد، فعدى تعديته، أو ((عنا)) حال، أي قم متجاوزًا عنا معتزلاً. و ((من)) في ((لسن منا)) اتصالية، كما في قول الشاعر: