((حسنات الأبرار سيئات المقربين)). ((قض)) في تفسيره: ولعل هذا مما يتفاوت باعتبار الأشخاص والأحوال، ألا ترى أنه تعالى عاتب نبيه صلى الله عليه وسلم في كثير من خطراته التي لم تعد على غيره بخطيئة فضلا أن يؤاخذ.
قال التوبشتي واختصره القاضي: ليس لقائل أن يقول: كيف عد الكبائر ههنا ثلاثا، وأربعا في حديث ابن عمر وأنس، وسبعا في حديث أبي هريرة؟ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يتعرض للحصر في شيء من ذلك، ولم يعرب عنه كلامه، أما في هذا الحديث فظاهر، وأما في حديث ابن عمر فلأن الحكم فيه مطلق، والمطلق لا يفيد الحصر، والذي نقول: إنه صلى الله عليه وسلم أنهى في كل مجلس ما أوحى الله إليه صلى الله عليه وسلم وألهم، أو سنح له باقتضاء أحوال السائل، وتفاوت الأوقات، فالأولى والأضبط أن نجمع كلها، ونجعلها مقيسا عليها على ما قال الإمام عز الدين بن عبد السلام السلمى في كتاب قواعد الشريعة: إذا أردت معرفة الفرق بين الصغائر والكبائر فهي من الصغائر، وإن ساوت أدنى مفاسد الكبائر فهي من الكبائر؛ فحكم القاضي بغير الحق كبيرة، فإن شاهد الزور متسبب متوسل، فإذا جعل السبب كبيرة فالمباشرة أكبر من تلك الكبيرة، فلو شهد اثنان بالزور على قتل موجب للقصاص، فسلمه الحاكم إلى الولي فقتله، وكلهم عالمون بأنهم باطلون، فشهادة الزور كبيرة، والحكم بها أكبر منها، ومباشرة القتل أكبر من الحكم.
قوله:((أن تدعو لله ندا)) الند – بالكسر – والنديد، والنديدة، مثل الشيء الذي يضاده وناوئه في أموره. ((غب)): ند الشيء مشاركه في جوهره، وذلك ضرب من المماثلة، فإن المثل يقال في أي مشاركة كانت، فكل ند مثل لا عكسه. والضد هو أحد المتقابلين، وهما الشيئان المختلفان اللذان لا يجتمعان في شيء واحد. الدعاء: النداء، ويستعمل استعمال التسمية، نحو، دعوت ابني زيدا، أي سميته، ودعوته إذا سألته واستعنته، ((ادع لنا ربك)) أي سله، ((أغير الله تدعون، بل إياه تدعون))، أي تستغيثون. والدعاء ههنا متضمن معنى الجعل، أي يجعلون لله ندا، كقوله تعالى:{فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا} يعني بسبب عبادتكم الأصنام، وتعظيمكم إياها، وتسميتها آلهة – أشبهت حالكم حال من يعتقد أنها آلهة مثله.
قوله:((وهو خلقك)) الواو فيه للحال. ((مظ)): وأكبر الذنوب أن تدعو لله ندا شريكا، مع علمك بأنه لم يخلقك أحد غير الله، ولم يقدر على أن يدفع عنك السوء والمكاره غيره، بل لله عليك الإنعام مما لا تقدر على عده. قوله:((ثم أي)) التنوين في ((أي)) عوض عن المضاف إليه،