ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلي السماء فيفتح ليها، فيقال: من هذا؟ فيقولون: فلان، فيقال: مرحباً بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، ادخلي حميدة، وأبشري بروح وريحان ورب غير غضاب، فلا تزال يقال لها ذلك، حتى تنتهي إلي السماء التي فيها الله، فإذا كان الرجل السواء، قال: اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، اخرجي ذميمة، وأبشري بحميم وغساق، وآخر من شكله أزواج، فما تزال يقال لها ذلك، حتى تخرج، ثم يعرج بها إلي السماء، فيفتح لها فيقال: من هذا؟ فيقال: فلان، فيقال: لا مرحباً بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، ارجعي ذميمة، فإنها لا تفتح لك أبواب السماء، فترسل من السماء ثم تصير إلي القبر)). رواه ابن ماجه [١٦٢٧]
ــ
قوله:((ورب غير غضبان)) تقرير للأول علي الطرد والعكس، كقوله تعالي:{أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم} ونحوه في المعنى قوله تعالي: {يأيتها النفس المطمئنة ارجعي إلي ربك راضية مرضية}. قوله:((إلي السماء التي فيها الله)) يعني الجنة، ونحوه قوله تعالي:{وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله} فيطابق الحديث الآيتين، وهما {وادخلي جنتي}{وجنة نعيم}.
قوله:((وأبشري)) بجهنم وضع موضع أنذري، إما علي سبيل الاستعارة التهكمية كقوله تعالي:{فبشرهم بعذاب أليم} أو علي المشاكلة والازدواج. ((وحميم وغساق)) مقابل لـ ((روح وريحان)) الغساق- بالتخفيف والتشديد- ما يغسق من صديد أهل النار، يقال: غسقت العين، إذا سال دمعها. قيل: لو قطرت قطرة في المشرق لنتنت أهل المغرب. وعن الحسن: الغساق: عذاب لا يعلمه إلا الله. وقوله تعالي:{وآخر من شكله أزواج} أي وآخر مذوقاته من مثل الغساق في الشدة والفظاعة و {أزواج}، أي أجناس، {وآخر} في محل الجر عطف علي {حميم} و {أزواج} صفة لـ {آخر} وإن كان مفرداً؛ لأنه في تأويل الضروب والأصناف، كقول الشاعر: معاً جياعاً.