للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. فيقولان له: وما علمك؟ فيقول: قرأت كتاب الله فأمنت به وصدقت. فينادي مناد من السماء: أن قد صدق عبدي؛ فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له باباً إلي الجنة)) قال: ((فيأتيه من روحها وطيبها، فيفسح له في قبره مد بصره)) قال: ((ويأتيه رل حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، فيقول: أبشر بالذي يسرك، هذا يومك الذي كنت توعد. فيقول له: من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير. فيقول: أنا عملك الصالح. فيقول: رب أقم الساعة! رب أقم الساعة! حتى أرجع إلي أهلي ومالي)). قال: ((وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه، معهم المسموح، فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيء ملك الموت، حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة! اخرجي إلي سخط من الله)) قال: ((فتفرق في جسده، فينتزعها كما ينزع السفود من الصفوف المبلل، فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في ديه طرفة عين، حتى يجعلوها في تلك المسموح، وتخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت علي وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها علي ملأ من الملائكة، إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟ فيقولون: فلان بن فلان، بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا، حتى ينتهي به إلي السماء الدنيا، فيستفتح له، فلا يفتح له) ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون

ــ

قوله: ((فوجهك)) الوجه)) مثل قوله: أنا أبو النجم وشعري شعري. والجملة الفعلية بعده استئنافية، لما سره بتلك البشارة، قال له: إني لأعرفك من أنت، حتى أجازيك بالثناء والمدح، فوجهك هو الكامل في الحسن والجمال، ونهاية في الكمال، وحق لمثل هذا الوجه أن يجيء بالخير، ويبشر بمثل هذه البشارة. فعلي هذا ((من أنت)) مضمن معنى المدح مجملاً. والفاء لتعقيب البيان بالمجمل وعلي عكس هذا قول الشقي للملك: ((من أنت فوجهك الوجه)). وقوله: ((أقم الساعة)) لعله عبارة عن طلب إحيائه لكي يرجع إلي الدنيا ويزيد في العمل الصالح والإنفاق في سبيل الله، حتى يزيد ثواباً ويرفع درجاته.

قوله: ((فتفرق)) أي فتفرق الروح في جسده كراهة الخروج إلي ما يسخن عينه من العذاب الأليم، كما أن روح المؤمن تخرج وتسيل كما تسيل القطرة من السقاء، فرحاً إلي ما تقر به عينه من الكرامة والنعيم. شبه نزع روح الكافر من أقصى عرقه بحيث تصحبها العروق، كما قال في الرواية الأخرى: ((وينزع نفسه من العروق كنزع السفود)) وهو الحديدة التي يشوى بها اللحم، فيبقى معها بقية من المحروق فيستصحب عند الجذب شيئاً من ذلك الصوف مع قوة وشدة،

<<  <  ج: ص:  >  >>