فقال:((اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك، بماء وسدر، واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور، فإذا فرغتن فآذنني)). فلما فرغنا آذناه، فألقى إلينا حقوه، فقال:((أشعرنها إياه)) وفي رواية: ((اغسلنها وتراً: ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً، وابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها)) وقالت: فضفرنا شعرها ثلاثة قرون فألقيناها خلفها. متفق عليه.
١٦٣٥ - وعن عائشة، رضي الله عنها قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب يمإنية، بيض سحولية، من كرسف، ليس فيها قميص ولا عمامة. متفق عليه.
ــ
التثليث، وكره التجاوز عنه، وإن حصل بالثانية أو بالثالثة استحب التخميس وإلا فالتسبيع.
قوله:((إن رأيتن ذلك)) - بكسر الكاف- خطاب لأم عطية، و ((رأيت)) بمعنى الرأي، يعني إن احتجن إلي أكثر من ثلاث أو خمس للإنقاء لا للتشهي فافعليه. قوله:((بماء وسدر)) ((قض)): هذا لا يقتضي استعمال السدر في جميع الغسلات، والمستحب استعماله في الكرة الأولي؛ ليزيل الأقذار، ويمنع منه تسارع الفساد، والكافور لدفع الهوام.
قوله:((فألقى إلينا حقوه)) ((نه)): أي إزاره، والأصل في الحقو معقد الإزار، وجمعه أحق وأحقاء، ثم سمي به الإزار للمجاورة. قوله:((أشعرنها إياه)) الضمير الأول للغاسلات، والثاني للميت، والثالث للحقو، أي اجعلن هذا الحقو تحت الأكفان بحيث يلاصق بشرتها، والمراد منه إيصال بركته صلى الله عليه وسلم إليها. قوله:((فضفرناها)) من الضفيرة، وهي النسج، ومنه ضفر الشعر، وإدخال بعضه في بعض.
الحديث الثاني عن عائشة: قوله: ((سحولية)) ((فا)): يروى بفتح السين وضمها، فالفتح منسوب إلي السحول، وهو القصار؛ لأنه يسحلها، أي يغسلها، أو إلي السحول وهي قرية باليمن. وأما الضم فهو جمع سحل، وهو الثوب الأبيض النقي، ولا يكون إلا من قطن. وفيها شذوذ، لأنها نسبت إلي الجميع. وقيل: إن اسم القرية بالضم أيضاً، وكره الشافعي رضي الله عنه القميص، والحديث ينصره.
((مح)): قال مالك، وأبو حنيفة: يتسحب قميص وعمامة، والمعنى: ليس القميص والعمامة من جملة الثلاثة، وإنما زائدتان ((فليس)) بمعنى سوى، وهو ضعيف، إذ لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم كفن في قميص وعمامة، [وفي الحديث دليل علي أن القميص الذي غسل فيه النبي صلى الله عليه وسلم نزع عنه عند تكفينه؛ لأنه لو لم ينزع لأفسد الأكفان لرطوبته].