١٦٤١ - وعن عبادة بن الصامت، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((خير الكفن الحلة، وخير الأضحية الكبش الأقران)) رواه أبو داود. [١٦٤١]
ــ
الله عنه {حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} فعمد إلي عقالين أسود وأبيض، فوضعهما تحت وساده الحديث. وقد رأي بعض أهل العلم الجمع بين الحديثين، فقال: البعث غير الحشر، فقد يجوز أن يكون البعث مع الثياب، والحشر علي العري والحفا. قال الشيخ: ولم يصنع هذا القائل شيئاً؛ فإنه ظن أنه نصر السنة، وقد ضيع أكثر مما حفظ، فإنه سعى في تحريف سنن كثيرة ليسوي كلام أبي سعيد. وقد روينا عن أفضل الصحابة أنه أوصى أن يكفن في ثوبيه، وقال: إنما هما للمهل والتراب. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذا الحديث:((الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها))، وليس لهم أن يحملوها علي الأكفان؛ لأنها بعد الموت.
((قض)): العقل لا يأبي حمله علي ظاهره حسبما فهم منه الراوي؛ إذ لا يبعد إعادة ثيابه بشيء دون شيء، غير أن عموم قوله:((يحشر الناس حفاة عراة)) حمل جمهور أهل المعإني وبعثهم علي أن أولوا الثياب بالأعمال التي يموت عليها من الصالحات والسيئات، والعرب تستعير الثياب للأعمال؛ فإن الرجل يلابسها كما يلابس. قال الراجز:
لكل دهر قد لبست ثوبا حتى اكتسى الرأس قناعاً أشيبا
أقول: الجواب عن قول الشيخ التوربشتي في قوله: ((إنما هما للمهل والتراب)) ما قاله القاضي: ((العقل لا يأبي حمله علي ظاهره)) إلي آخره صحيح، لكن قول الهروي:((ليس لهم أن يحملوها علي الأكفان؛ لأنها بعد الموت)) قوي متين، ويعضده إخراج ((يموت)) علي المضارع الدال علي االاستمرار، وأن فعل الطاعات والحسنات دأبه وعادته، كما يقال: فلان يحمي الحريم، ويقري الضعيف. وأما العذر عن الصحابي رضي الله عنه، فإنه يقال: أنه عرف مغزى الكلام، لكنه سلك سبيل الإبهام، وحمل الكلام علي غير ما يترقب، لما سمع من قوله صلى الله عليه وسلم:((الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها)) ويحضر به تلك الثياب، وهو علي شرف الموت، ونحوه فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالي:{إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} والظاهر التثكير حيث قال: ((سأزيد علي السبعين)). ((الكشاف)): خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال إظهاراً لغاية رحمته ورأفته علي من بعث إليه.
الحديث الرابع عن عبادة: قوله: ((الحلة)) ((نه)) الحلة واحدة الحل، وهي برود اليمين بدليل هذا الحديث، والأصح أن الثوب الأبيض أفضل، لحديث عائشة رضي الله عنها ولعل فضيلة الكبش الأقرن علي غيره في الأضحية؛ لكونه أعظم جثة وسمناً في الغالب.