للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ما بقيَ من أموالكم، وإِنما فرضَ المواريث، وكرَ كلمةً لتكون لمن بعدكم)) فقال: فكبَّر عمر، ثمَّ قال له: ((ألا أخبركَ بخيرِ ما يكنزِ المرء؟ المرأةُ الصالحةُ: إِذا نظر إِليها سرَّته، وإِذا أمرَها أطاعتهُ، وإذا غابَ عنها حفظَتهُ)) رواه أبو داود [١٧٨١].

ــ

عاماً في أمر الزكاة والغنائم وغيرهما، استتبعه حديث عدى تقريراً وتأكيداً.

الفصل الثاني

الحديث الأول عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((كبر)) ((قض)): أي شق وعظم؛ لأنهم حسبوا أنها تمنع جمع المال وضبطه رأساً، وأن كل من أثل مالا - جل أم قل - فإن الوعيد لاحق به، فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلي أن المراد بالكنز في الآية منع الزكاة وحبسها عن المستحق، لا الجمع وضبط المال مطلقاً.

قوله: ((إلا ليطيب ما بقى)) هو من قوله تعالي: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم} ومعنى التطييب أن أداء الزكاة إما أن يحل ما بقى من ماله المخلوط بحق الفقراء، وإما أن يزكيه من تبعة ما لحق به من إثم منع حق الله تعالي. وقوله: ((وإنما فرض المواريث، وذكر كلمة لتكون لمن بعدكم)) هذه الزيادة ليست في المصابيح، وهي مثبته في سنن أبي داود معطوفة علي قوله: ((إن الله لم يفرض)) كأنه قيل: إن الله لم يفرض الزكاة إلا لكذا، ولم يفرض المواريث إلا لتكون لمن بعدكم. المعنى: لو كان مطلق الجمع وضبطه محظوراً لما افترض الله تعالي الزكاة، ولا الميراث. وقوله: ((وذكر كلمة)) من كلام الراوي، أي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة في هذا المقام لم أضبطها.

قوله: ((فكبر عمر)) ((قض)): أي استبشاراً لدفع الحرج، وكشف الحال، ورفع الإشكال.

أقول: في تخصيص لفظ التكبير في هذا المقام دون سائر الأذكار دلالة علي فخامة الأمر، فكما كبر عمر وعظم نزول قوله: ((والذين يكنزون الذهب)) الآية، كذلك كبر عند ورود قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله لم يفرض الزكاة)) إلي آخره. استبشاراً.

قوله: ((بخير ما يكنز المرء: المرأة الصالحة)) ((المرأة)) مبتدأ، والجملة الشرطية خبره، ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف، والجملة الشرطية بيان. ((قض)): إنه صلى الله عليه وسلم لما بين لهم أنهم لا حرج عليهم في جمع المال وكنزه ما داموا يؤدون الزكاة، ورأي استبشارهم به، رغبهم عنه إلي ما هو خير وأبقى، وهي المرأة الصالحة الجميلة؛ فإن الذهب لا ينفعك إلا بعد الذهاب عنك، وهي ما دامت معك تكون رفيقك تنظر إليها فتسرك، وتقضى عند الحاجة إليها وطرك، وتشاورها فيما يعز لك فتحفظ سرك، وتستخدمها في حوائجك فتطيع أمرك، وإذا غبت عنها تحامى مالك وتراعي عيالك، ولو لم يكن لها إلا أنها تحفظ بذرك وتربي زرعك، فيحصل لك بسببها ولد يكون لك وزيراً في حياتك، وخليفة بعد وفاتك، لكان لها بذلك فضل كثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>