للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

-مخاطبًا لأهل مصر (١) -: "إن البغاث (٢) بأرضكم يستنسر (٣) " (٤)؛ أي: يصير نسرًا بعد حقارته.

يشير إلى أن الغريب -ولو كان ناقصًا- يصير بينهم ذا شأن، وهو مشاهَدٌ في كثيرين ممن لا نسبة لهم بما يكون في بلدهم، سيما وقد انقرض أهل التمييز، فللَّه الأمر (من قبل ومن بعد، وما أحسن قول من قال) (٥):

لا عيب بي غير أني من ديارهم … وزامر الحي لا تطرب مزاميره


(١) قاله لأبي جعفر الطحاوي لما أكثر عليه في النقل عن شيخه أبي جعفر أحمد بن أبي عمران موسى بن عيسى البغدادي الفقيه الحنفي، قاضي مصر قبل أبي عبيد. قال ابن زولاق عن علي بن أبي جعفر الطحاوي: "فطارت هذه الكلمة، وصارت بمصر مثلًا".
وهذا مثل عربي قديم تمثل به أبو عبيد، وعنه اشتهر بمصر، ومما اشتهر عنهما بمصر، حتى صار مثلًا: "هل يُقَلِّدُ إلا عَصَبِيٌّ أو غبي!؟ ". انظر: "لسان الميزان" (١/ ٦٢٦ - ٦٢٧)، رقم (٧٧١).
(٢) ذكر الميداني فيه ثلاث لغات؛ الفتح والضم والكسر، قال: والجمع بغثان.
قال ابن السكيت في "إصلاح المنطق" (٣٧٤): "هو طائر أبغث إلى الغبرة، دوين الرخمة، بطيء الطيران".
وأما البكري فقال: "البغاث كل ما يصاد من الطير، والجوارح منها: كل ما صاد، والرهام ما لا يصيد ولا يصاد؛ كالخطاف والخفاش"، وكذا قال الفراء فيما نقله الجوهري في "الصحاح" (١/ ٢٧٤) في البغاث.
(٣) يستنسر: أي: يصير كالنَّسر في القوة عند الصيد، بعد أن كان من ضعاف الطير.
(٤) هو: مثل سائر من أمثال العرب تمثل به أبو عبيد بن حربوية القاضي بمصر، فاشتهر عنه بها، ويضرب مثلًا للضعيف يظهر بمظهر القوي، أو يقوى بعد الضعف، وللعزيز يعز به الذليل.
انظر: "أمالي القالي" (١/ ١٨٦ - ١٨٧) و"إصلاح المنطق" لابن السكيت (٣٧٤)، و"الجمهرة" لأبي هلال (١/ ١٩٧، رقم ٢٣٣، و ١/ ٢٣١، رقم ٢٩٩)، و"شرح الأمثال" للبكري (باب: الرجل العزيز المنيع الذي يعز به الذليل، ص: ١٢٩)، و"مجمع الأمثال" للميداني (١/ ١٠).
(٥) ما بين القوسين من (ز)، وسقط من: "أ، م، عز، ق، زك". وفي "كشف الخفاء" (١/ ٤٣٧، ٤٣٨) أن ابن الغرس عزا البيت الأول بزيادة بيتٍ قبله للقاضي عبد الوهاب البغدادي يخاطب أهل بغداد. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>