للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[حرف الهاء]

١٢٧٢ - حديث: "هاروت وماروت (١). . . . . . . . . . . . . . . . .


= حسن، وذلك أن الله ﷿ يُخَلِّد المؤمن في جنته بنيته لا بعمله؛ ولو جُزِيَ بعمله لم يستوجب التخليد؛ لأنه عمل في سنين معدودة، والجزاء يقع بمثلها وأضعافها، وإنما يخلده الله ﷿ بنيته لأنه كان ناويًا أن يطيع الله ﷿ أبدًا لو أبقاه أبدًا، فلما اخترمه دون نيته جزاه عليها التخليد أبدًا. وكذلك الكافر نيته شر من عمله؛ لأنه كان ناويًا أن يقيم على كفره أبدًا؛ فلما اخترمه الله ﷿ دون نيته، جزاه التخليد في جهنم أبدًا". اهـ.
(١) اختلف قول العلماء في هاروت وماروت، فذهب كثيرون منهم إلى أنهما كانا ملكين من السماء، وأنهما أنزلا إلى الأرض، فكان من أمرهما ما كان. وانتصر لهذا القول ابنُ جرير الطبري، بناءً على أن "ما" في الآية: موصولية بمعنى "الذي"، وأطال القول في ذلك، وادعى أن الله قد أذن لهما في تعليم السحر اختبارًا لعباده بعد أن بَيَّنَ لعباده أن ذلك مما ينهى عنه على ألسنة الرسل، وادعى أنهما مطيعان في تعليم ذلك؛ لأنهما امتثلا ما أُمِرا به. قال ابن كثير: "وهذا الذي سلكه غريب جدًّا. وأغرب منه قول من زعم أن هاروت وماروت قبيلان من الجن، كما زعمه ابن حزم". انظر: "تفسيرَي الطبري" (٢/ ٤٢٤ - ٤٢٦)، و"ابن كثير" (١/ ٣٥٦).
وذهب القرطبي إلى أن لفظتي "هاروت وماروت" في الآية بدلًا من الشياطين، بناءً على أن "ما" في الآية نافية ومعطوفة على قوله: "وما كفر سليمان"، وتقدير الكلام: وما كفر سليمان، وما أنزل على الملكين، ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر ببابل، هاروت وماروت. ثم قال: "وهذا أولى ما حُملت عليه الآية وأصح، ولا يلتفت إلى ما سواه". ثم ذكر وجه ترجيحه له وردَّه على المخالفين. انظر: "تفسير القرطبي" (٢/ ٣٦).
وروى الطبري عن القاسم بن محمد أنه سئل عن قوله ﷿: "وما أنزل على الملكين" فقيل له: أنزل أو لم ينزل؟ فقال: لا أبالي أي ذلك كان، إلا أني آمنت به. انظر: "تفسير الطبري" (٢/ ٤٢٤).
وحكى البغوي عن ابن عباس والحسن ما مفاده أن هاروت وماروت من البشر، بناءً على قراءتهما للآية: "وما أنزل على المَلِكَين ببابل" بكسر اللام. إلا أن البغوي رجح القول الأول. انظر: "تفسير البغوي" (١/ ١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>