كتاب المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة - ط الميمنة

حرف اللام ألف - ١٣١٩ - حديث: لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار. - ج: 5 - ص: 381

ورواه إسحاق بن بشر أبو حذيفة (١) في "المبتدأ"، عن الثوري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة (٢)، وإسحاق حديثه منكر (٣). وأخرجه الطبراني في مسند الشاميين من رواية مكحول عن أبي سلمة عن أبي هريرة وزاد في آخره: "فطوبى لمن وجد في كتابه استغفارًا كثيرًا" (٤) وفي إسناده

---

= والبغوي هو أبو القاسم عبد الله بن محمد الإمام الحافظ المعمَّر. وسائر رواته ثقات من رجال مسلم.
وظاهر الإسناد الصحة لكنه لا يعرف له أصل من حديث ابن عيينة ولا من حديث الزهري، وهما إمامان مكثران، ومثل هذا الحديث لا يزال المحدثون يتطلبون له إسنادًا، وخلف بن هشام لم يذكره المزي وابن حجر في الرواة عن ابن عيينة، ولم يذكرا ابن عيينة في شيوخه أيضًا، فهذا يدل على غرابة هذا الإسناد. ولعل بعض رواته لم يضبط الإسناد، وفي ذلك احتمالات كثيرة:
منها: أن أبا القاسم البغوي لم يضبطه، فإنه كان يكتب الحديث ويبيع أصله كما قال ابن عدي، وكان أول ما كتب الحديث سنة (٢٢٥ هـ). انظر: "اللسان" (٤/ ٥٦٤ - ٥٦٦)، وموت البزار سنة (٢٢٩ هـ) "التقريب"، فكان سماعه منه قديم جدًّا، وهو من المعمرين، مات سنة (٣١٧ هـ). وكان الراوي عنه وهو ابن حبابة ولد في حدود سنة (٣٠٠ هـ)، وكان أول سماعه للحديث سنة (٣١٥ هـ) في أولها (كما في "تاريخ بغداد")، وهذا يعني: أنه سمع من البغوي هذا الحديث في آخر عمره، فإن لم يكن له أصلٌ -كما ذكره ابن عدي- فيحتمل أنه لم يحفظ الإسناد جيدًا؛ لأن أقصر مدة بين سماع البغوي هذا الحديث وبين تحديثه لابن حبابة كانت (٨٦) سنة.
أو أن ابن حبابة لم يضبطه، فإن البغوي مكثر جدًّا، وكانت الرحلة إليه في زمانه لعلو سنده، ومثل هذا الحديث لو كان له أصل من حديثه، لانتشر بين تلاميذه.
أو أن الصريفيني لم يضبطه؛ لأنه ولد سنة (٣٨٤ هـ) وموت ابن حبابة سنة (٣٨٩ هـ)، فكان عمره يوم وفاة شيخه (٥) سنين على أكثر تقدير! وهذا السن مظنة عدم الضبط. وهذا أقرب الاحتمالات. والله أعلم.
(١) هو: الهاشمي مولاهم البخاري، صاحب كتاب المبتدأ، كذبه ابن المديني والدارقطني وابن أبي شيبة وغيرهم، وقال ابن حبان: "لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب". وقال الحافظ: "يروي العظائم عن ابن إسحاق وابن جريج والثوري". انظر: "اللسان" (٢/ ٤٤ - ٤٥).
(٢) لم أقف عليه فيما وُجد من كتابه، وهو الجزء الرابع منه.
(٣) ومقتضى كلام الأئمة أن أحاديثه موضوعة.
(٤) "مسند الشاميين" (٤/ ٣٨٠)، رقم (٣٦٠٦) من طريق بشر بن عبيد الراسبي ثنا =