للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحدهما: ما ذكره ابن الصلاح عن ابن منده حيث قال: "الغريب من الحديث، كحديث الزهري وقتادة وأشباههم من الأئمة ممن يُجمع حديثُهم، إذا انفرد الرجل عنهم بالحديث يسمى غريبًا. فإذا روى عنهم رجلان وثلاثة واشتركوا في حديثٍ يسمى عزيزًا. فإذا روى الجماعة عنهم حديثًا سمي مشهورًا" (١).

ومفهوم هذا، أن ما رواه أكثر من ثلاثة مطلقًا يسمى مشهورًا أيضًا، وهذا التعريف لا يفرق بين المشهور والمتواتر، ولذا صرح بأن من المشهور: "المتواترَ الذي يذكره أهل الفقه وأصوله" (٢).

ثم إنه لا يشترط عند ابن الصلاح ومن وافقه أن يكون العدد المذكور في جميع طبقات السند، بل يكتفى بطبقة واحدة، بحيث لا يمتنع أن يكون في غيرها من طباقه غريبًا، بأن ينفرد به راوٍ آخر عن شيخه. ودليل ذلك أنه مثَّل للمشهور بحديث: "إنما الأعمال بالنيات"، فقال إنه "غريب مشهور"، وذلك بوجهَين واعتبارَين (٣).

وقد مشى بعض المتقدمين -كأبي نعيم الأصبهاني- على هذا، فإنه قال في حديث سفيان عن عبد الله بن محمد بن عَقِيل، عن ابن الحَنَفِية، عن عليٍّ رفعه: "مفتاح الصلاة الطهور": إنه "مشهور لا نعرفه إلا من حديث ابن عقيل". فقال الحافظ ابن حجر: "إن مراده أنه مشهور من حديث ابن عقيل"، قال السخاوي: "فهذه الشُّهرة النِّسبية نظير الغرابة النِّسبية في قوله -فيما ينفرد به الراوي عن شيخه-: غريب" (٤).

والتعريف الثاني: -وهو المختار- ما ذكره الحافظ ابن حجر بقوله: "ما له طرقٌ محصورةٌ بأكثر من اثنين" (٥). فقوله (محصورة) يخرج به المتواتر، فإنه


(١) "علوم الحديث" (ص ٢٧٠)، وتبعه النووي كما في "تدريب الراوي" (٢/ ٦٣٢).
(٢) انظر: "علوم الحديث" (ص ٢٦٧).
(٣) انظر: "فتح المغيث" (٣/ ٣٨٦). قال ابن الصلاح في "علوم الحديث" (ص ٢٧١): فإن إسناده متصف بالغرابة في طرفه الأول، متصف بالشهرة في طرفه الآخر.
(٤) انظر: "فتح المغيث" (٣/ ٣٨٦ - ٣٨٧).
(٥) "نزهة النظر" (ص ٤٦)، وانظر: "نخبة الفكر" (ص ٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>