للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٣٦٤ - أبو العباس محمد بن صبيح مولى بني عِجْل، المعروف بابن السَّمَّاك، القاصُّ الكوفيُّ الزاهدُ المشهور: كان عابدًا زاهدًا، حسن الكلام، صاحب مواعظ، لقي جماعة من الصدر الأول، وأخذ عنهم، وروى عنه أحمد بن حنبل وأنظاره، وقدم بغداد زمن هارون الرشيد، ثم رجع إلى الكوفة، ومات بها، ومن كلامه: خَفِ اللهَ كَأَنَّكَ لَمْ تُطِعْهُ، وَارْجُ اللهَ كَأَنَّكَ لَمْ تَعْصِهِ.

وكان هارون الرشيد قد حلف أنه من أهل الجنة، فاستفتى العلماء، فلم يفته أحد أنه من أهل الجنة، فأحضر ابنَ السماك، وسأله، فقال له: هل قدر أمير المؤمنين على معصية فتركها خوفًا من الله تعالى؟ فقال: نعم، كان لبعض الناس جارية، فهويتها وأنا إذ ذاك شابّ، ثم إني ظفرت بها مرّة، وعزمت على ارتكاب الفاحشة بها، ثم إني فكرت في النار وهولها، وأن الزنا من الكبائر، فأشفقت من ذلك، وكففت عن الجارية مخافةً من الله، فقال له ابن السماك: أبشر يا أمير المؤمنين؛ فإنك من أهل الجنة، فقال هارون الرشيد: من أين لك هذا؟ قال: من قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: ٤٠، ٤١]، فَسُرَّ هارونُ بذلك.

ومن كلامه: من جَرَّعته الدنيا حلاوتَها بميله إليها، جرعته الآخرة مرارتها لتجافيه عنها.

وأخباره ومواعظه كثيرة.

توفي سنة ثلاث وثمانين ومئة بالكوفة، وقيل: ببغداد.