للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وَقَالُوا دع مُرَاقَبَةَ الثُّرَيَّا ... وَنَمْ بِاللَّيْلِ مُسْوَدِّ الجَنَاحِ

فَقُلْتُ وَهَلْ أَفَاقَ القَلْبُ حَتَّى ... أُفَرِّقَ بَيْنَ لَيْلِي وَالصَّبَاحِ

وله أشياء غير ذلك.

وكان له تنور من حديد، وأطراف مساميره المحدودة إلى داخل، وهي قائمة مثل رؤوس المسال في أيام وزارته، وكان يعذِّب فيه المصادَرين، فمتى انقلب منهم واحد، وتحرك من حرارة العقوبة، تدخل المسامير في جسمه، فيجدون لذلك أشدَّ الألم، وكان إذا قال له واحد منهم: أيها الوزير! ارحمني، فيقول: الرحمة جورٌ في الطبيعة.

ولما مات المعتصم، وقام بالأمر ولدُه الواثق، أقره على ما كان عليه، فلما مات، وتولى المتوكل، كان في نفسه منه، فقبض عليه، واستصفى أمواله، وأمر بإدخاله التنور، فقال: يا أمير المؤمنين! ارحمني، فقال: الرحمة جور في الطبيعة، واستمر في التنور إلى أن مات، وكانت مدة إقامته في ذلك التنور أربعين يوما، وكان القبض عليه لثمانٍ بقين من صفر، سنة ثلاث وثلاثين ومئتين.

وابن الزيّات هذا هو الذي أغرى المعتصمَ في محنة الإمام أحمد ابن حنبل؛ لأنه كان يقول بخلق القرآن، ولما دخل في التنور، قال له خادمه: قد صرتَ إلى ما صرتَ إليه وليس لك حامد، فقال له: صدقت.