للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حجره، ووجه الراضي إلى ابن رائق، وأخبره بما جرى، وأنه احتال على ابن مقلة حتى وقع في أسره، فلما كان رابع عشر شوال، سنة ست وعشرين وثلاث مئة، أظهر الراضي أمر ابن مقلة، وأخرجه من الاعتقال، وأحضر صاحب ابن رائق، وجماعة من القواد، وكان ابن رائق قد التمس قطع يد ابن مقلة التي كتب بها تلك المطالعة، فقطعت يده اليمنى، ورُدَّ إلى مجلسه، ثم ندم الراضي على ذلك، وأمر الأطباء بملازمته للمداواة، فلازموه حتى برئ، وكان ذلك نتيجة دعاء أبي الحسن محمد بن شنبوذ المقرئ عليه بقطع اليد، وهو من عجيب الاتفاق، وكان ينوح على يده، ويقول: خدمتُ بها الخلفاء، وكتبت بها القرآن مرتين تقطع كما تقطع أيدي اللصوص! وينشد:

إِذَا مَا مَاتَ بَعْضُكَ فَابْكِ بَعْضًا ... فَإِنَّ البَعْضَ بَعْضٍ قَرِيبُ

ثم عاد وأرسل إلى الراضي من الحبس بعد قطع اليد، وأطمعه في المال، وطلب الوزارة، وقال: إِنَّ قطع اليد ليس مما يمنع الوزارة، وكان يشد القلم على ساعده، ويكتب به، ولما قرب محكم من بغداد، وكان من جماعة ابن رائق، فأمر بقطع لسانه، فقطع، وأقام في الحبس مدة طويلة، ولحقه فقر، ولم يكن له من يخدمه، وكان يستقي الماء لنفسه من البئر، فيجذب بيده اليسرى جذبة، ويمسك الحبل بفمه، ثم يجذب بيده.

وله أشعار في شرح حاله، وما انتهى إليه أمره، منها: