للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهي وطنه قديماً، ثم حج منها في سنة سبع وثمانين (١) وأربع مئة، وجاور بعد الحج بمدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأقام بالمدينة إلى حين وفاته، ودفن عند قبر إبراهيم بن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالبقيع.

ولما قرب أمره، وحان ارتحاله من الدنيا، حُمل إلى مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فوقف عند الحضرة، وبكى، وقال: يا رسول الله! قال الله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: ٦٤]، وقد جئتك معترفاً بذنوبي وجرأتي، أرجو شفاعتك، وبكى، وتوفي من يو مه، وكانت سيرته حسنة، وعنده سخاء وبِرٌّ ورأفة، وله شعر حسن، ومن شعره:

وَإِنِّي لأُبْدِي فِي هَوَاكَ تَجَلُّداً ... وَفِي القَلْبِ مِنِّي لَوْعَةٌ وَغَلِيلُ

فَلاَ تَحْسَبَنْ أَنِّي سَلَوْتُ فَرُبَّمَا ... تُرَى صِحَّة بِالمَرْءِ وَهْوَ عَلِيلُ

* * *

٤٠١ - أبو نصر محمد بن منصور بن محمد، الملقب: عميد الملك، الكندريُّ: كان من رجال الدهر، جوادًا شهمًا، واستوزره السلطان طَغْرِلْبك السّلجوقي، ونال عنده الرتبة العالية، والمنزلة الجليلة، وهو أول وزير كان لهذه الدولة، وكان ممدوحاً، مَقْصَداً للشعراء، ولم يزل في دولة طغرلبك عظيمَ الشأن والحرمة إلى أن توفي السلطان، وقام


(١) في الأصل: "أربعين"، والتصويب من "وفيات الأعيان" (٥/ ١٣٥).