للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

٤١٦ - أبو الوليد معن بن زائدة بن عبد الله بن زائدةَ بن مطر بن شريك، الشيبانيُّ: كان جوادًا شجاعاً، جَزِلَ العطاء، كثير المعروف، مقصوداً، وكان في أيام بني أمية مشتغلاً في الولايات، فلما انتقلت الدولة إلى بني العباس، جرى بين أبي جعفر المنصور، وبين يزيدَ بن هُبيرة الفزاري أمير العراقين من محاصرته بمدينة واسط، فلما قتل يزيد، خاف معنٌ من المنصور، واستتر عنه؛ لأنه كان منقطعًا إلى يزيد، وجرى له في مدة استتاره غرائب، ولم يزل مستتراً حتى كان يوم الهاشمية، وهو يوم مشهور، ثار فيه جماعة من أهل خراسان على المنصور، وجرت بينهم مَقْتَلَة وبين أصحاب المنصور بالهاشمية، وهي التي بناها السفاح بالقرب من الكوفة، وكان معن متوارياً بالقرب منهم، فخرج متنكِّراً متلثماً، وتقدم إلى القوم، وقاتل بين يدي المنصور قتالاً شديداً أبان فيه عن نَجْدة وشهامة وفَرَّقهم، فلما أفرج عن المنصور قال: مَنْ أنت ويحك؟ فكشف عن لثامه، وقال: أنا طُليبك يا أمير المؤمنين معنُ بن زائدة، فأمَّنه المنصور، وأكرمه، وحيَّاه وزيَّنه، وصار من جملة خواصه.

ولمعنٍ أشعار كثيرة، وأكثرها في الشجاعة، ومن كلامه:

إَنَّ الأَكَابِرَ تَلْقَاهَا مُحَسَّدَةً ... وَلاَ تَرَى لِلِئَام النَّاسِ حُسَّادَا

وله أخبار ومحاسن كثيرة، وكان قد ولي سجستان في أواخر عمره، وانتقل إليها، وله فيها آثار وماجَرَياتٌ، قصده الشعراء بها، فلما كان سنة إحدى وخمسين ومئة، كان في داره صنَّاع يعملون له شغلاً، واندسَّ