للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلىَّ، وأفادني العلم، وعاملني بالحلم، ومكثت بالديار المصرية نحو عشر سنين، إلى أن سافرت منها في سنة تسع وثمانين وثمان مئة، وأنا مشمول منه بالصِّلات، ومتصل من فضله بالحسنات، وكان السبب في سفري: ما قدره الله تعالى من ولايتي لمنصب القضاء بالرملة، ولما عزمت على السفر، حضرت بين يديه، واستأذنته في السفر، فتألم لذلك، وشق عليه، وكان من لفظه الكريم أن قال: يعز علينا فراقك؛ لأننا قد اعتدنا بك، فقبَّلت يده، وتوجهت من حضرته، وقد حصل عندي غاية الشوق لمشاهدة ذاته الجميلة؛ فإنه عاملني بالإكرام، وشكرُ المنعم واجب، فجزاه الله عني خيراً.

وأما حلمه، وسلوكه طريقةَ السلف، وتلطفه بالطلبة، فلا يكاد يوصف، ويجلس في مجلس حكمه بلا حاجب ولا بواب؛ عملاً بما نص عليه الفقهاء - رضي الله عنهم -، وهو متصف بالصفات المعتبرة المشترطة في القاضي، قوي من غير عنف، لين من غير ضعف، حليم ذو (١) أناة، وانتهت إليه في عصرنا رئاسة هذا المذهب الشريف بالديار المصرية، بل وسائر المملكة.

وخطه حسن، وعبارته في الفتوى مفيدة وجيزة، وفصاحته في الخط واللفظ إليها النهاية، وصنف "مناسك الحج" على الصحيح من المذهب، وهو في غاية الحسن.


(١) في الأصل: "ذا".