للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستمر شيخ الإسلام كمال الدين المشار إليه منقطعاً للاشتغال بالعلم والفتوى على عادته إلى سنة إحدى وثمانين وثمان مئة، فتوجه إلى القاهرة، واستوطنها، وأقام بها نحو تسع سنين، والطلبةُ يترددون إليه، ويشتغلون عليه في العلوم، وانتفع الناس به، وعظُمت هيبته، وارتفعت كلمته عند السلطان وأركان الدولة.

فلما رسم السلطان بهدم المدرسة الأشرفية القديمة الكائنة بالمسجد الأقصى، وجدَّد المدرسة الموجودة الآن بمكانها، وانتهت عمارتها، قدر الله تعالى بوفاة الشيخ شهاب الدين العميري الشافعي - رحمه الله تعالى - في شهر ربيع الأول، سنة تسعين وثمان مئة قبل تقرير أمرها، وترتيب وظائفها، فبرز أمر السلطان باستقرار شيخ الإسلام المشار إليه فيها، وتوجه من الأبواب الشريفة، وصحبته القاضي أبو البقاء بن الجيعان، والمهتار رمضان، وحضروا إلى القدس الشريف في شهر رجب، سنة تسعين وثمان مئة، ورتبت الوظائف بالمدرسة المشار إليه، واستقر أمرها، وباشرها شيخ الإسلام، وحصل للمدرسة المذكورة، بل وللأرض المقدسة، ولسائرِ المملكة الجمالُ والهيبة والوقار بوجود شيخ الإسلام المشار إليه، وانتظم أمر الفقهاء، وحكام الشريعة المطهرة بوجوده، وبركة علومه، ونشرَ العلم، وأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، وازداد شأنه عظماً، وعلت كلمته.

ونفذت أوامره عند السلطان فمَنْ دونه، وبرزت إليه المراسيم الشريفة في كل وقت بما يحدث من الوقائع، والنظر في أمور الرعية،