للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وترجم فيها بالجناب العالي شيخ الإسلام، ووقع له ما لم يقع لغيره ممن تقدمه من العلماء والأكابر؛ فإنه تقدم في الجلوس وغيره على شيخ الصلاحية، ولم تجر به عادة في الزمن القديم؛ فإن العادة جرت أن شيخ الصلاحية يكون هو المقدَّم على كل أحد من طائفة الفقهاء وغيرهم، فتقدم شيخ الإسلام المشار إليه على شيخ الصلاحية في الجلوس والكتابة، وقُدم اسمه على اسمه في المراسيم الواردة من السلطان، وفيما يكتب من الأوراق بالقدس، وسُلِّمَ إليه القول والفعل، وقَلَّدَهُ أهل المذاهب كلها، وقبلت فتواه على مذهبه ومذهب غيره، وكل ذلك ببركة ما حواه من العلوم الشريفة.

ومن أعظم محاسنه التي شكرت له في الدنيا، ويرفع الله بها درجته في الآخرة: ما فعله في القبة المستجدة عند دير صِهْيَون، فإن الفرنج المقيمين بدير صهيون ظاهر القدس الشريف أحدثوا عند الدير المذكور بالقرب منه قبة، زعموا أن مكانها مقام السيدة مريم، وبنوها وأحكموها غاية الإحكام، وبنوا بها صفة هيكل، على عادة ما يفعل بالكنائس، وشرعوا يجتمعون فيها في أوقات عبادتهم، ويعظمونها، حتى صارت كنيسة محدثة في دار الإسلام، ثم شرع النصارى في انتزاع القبو المجاور للدير المشهور أنَّ به قبر سيدنا داود - عليه السلام -، وساعدهم على ذلك مَنْ لَمْ يَخَفِ الله تعالى، فبادر شيخ الإسلام المشار إليه بالمكاتبة للسلطان، وأعلمه بما وقع من أحداث القبة المذكورة، وأن قبر سيدنا داود - عليه السلام -. بأيدي المسلمين مدة طويلة، وبُني به قبلة لجهة