للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدين الديري، وكانت ولايته مع ولاية الشيخ كمال الدين بن أبي شريف مشيخة الصلاحية في اليوم الذي تولى فيه، وألبس التشريف من حضرة السلطان - كما تقدم في ترجمة الشيخ كمال الدين -، وسافر صحبته، ودخل معه إلى القدس في يوم الاثنين، ثاني عشري ربيع الأول، سنة ست وسبعين وثمان مئة، وباشر القضاء بعفة وشهامة، وكانت سيرته حسنة، واستمر نحو سنتين، ثم عزل بالقاضي جمال الدين الديري، في ربيع الأول، سنة ثمان وسبعين، فدخل القاضي جمال الدين إلى القدس وهو متوعك، فأقام أربعة عشر يوماً، وتوفي، فاستقر القاضي خير الدين المشار إليه في وظيفة القضاء ثانياً، واستمر نحو تسعة أشهر، ثم عزل بالقاضي شمس الدين الديري أخي القاضي جمال الدين في سلخ صفر، سنة تسع وسبعين وثمان مئة.

وتنزه عن القضاء، ولم يتكلم فيه بعد ذلك، وانقطع في منزله للعبادة والإشغال بالعلم وقراءة القرآن والحديث، وانتهت إليه رئاسة مذهب أبي حنيفة بالقدس، وتصدى للفتوى والتدريس، وحج إلى بيت الله الحرام، وعظُم أمره عند الناس، وصار له الهيبة والوقار، ونسخ بخطه الكثير من المصاحف الشريفة، و"البخاري"، وغير ذلك، وعمل طريقة في المصحف الشريف في مقابلة الأحرف لم يسبق إليها، وانتشر هذا المصحف في غالب المملكة، وله ربعة شريفة بالحرم الشريف النبوي - على ساكنه الصلاة والسلام -.

وكان متواضعاً، حسن اللفظ والشكل، توفي إلى رحمة الله تعالى