للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

سَدَاداً مِنْ عَوَزٍ" (١)، فأورده بفتح السين، قال: فقلت: صدقتَ يا أمير المؤمنين، حدثنا هشيم: حدثنا عون بن أبي جميلة عن الحسن، عن علي بن أبي طالب، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ المَرْأَةَ لِدِينِهَا وَجَمَالِهَا، فَإِنَّ فِيهَا سِدَاداً مِنْ عَوَزٍ"، قال: وكان المأمون متكئاً، فاستوى جالساً، وقال يا نضر! كيف قلتَ سِداد؟ قلت: لأن السَّدادَ هاهنا لحنٌ، قال: أَوَتُلحنني؟ قلت: إنما لحن هُشيم، وكان لَحَّانة، فسمع أمير المؤمنين لفظه، قال: فما الفرق بينهما؟ قلت: السَّدَاد - بالفتح -: القصد في الدين والسُّبل، وبالكسر: البُلغة، وكلُّ ما سَدَدْتَ به، فهو سِداد، قال: أو تعرب العربُ ذلك؟ قلت: نعم، فأنشد:

أَضَاعُوني وَأَيَّ فَتًى أَضَاعُوا ... لِيَوْمِ كَرِيهَةٍ وَسِدَادِ ثَغْرِ

فقال المأمون: قَبَّح الله مَنْ لا أدب فيه، وأطرق ملياً، ثم قال: ما لك يا نضر؟ قلت: أُرَيضة لي بمرو، قال: أفلا يفيدك مالاً منها؟ قال: قلت: إني إلى ذلك لمحتاج، قال: فأخذ القرطاسَ وأنا لا أدري ما يكتب، ثم قال: يا غلام! امض معه إلى الفضل بن سهل، قال: فلما قرأ الفضل الكتاب، قال: يا نضر! إن أمير المؤمنين أمر لك بخمسين ألف درهم، فما كان السبب فيه؟ فأخبرته، ولم أَكْذِبه، فقال: لَحَّنْتَ أمير المؤمنين؟ فقلت: كلا، إنما لحن هُشيم، ثم أمر لي بثلاثين ألف درهم، فأخذت ثمانين ألف درهم لحرف استُفيد مني.


(١) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٣٣/ ٢٩٤).