للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ويذكرون فضله وأدبه، ولم يقدَّر لي الاجتماع به (١).

* * *

٥٠٨ - أبو محمد يحيى بن أَكْثَم بن محمد بن قطن بن سمعان، التميميُّ الأسديُّ المروزيُّ: من ولد أكثم بن صَيْفِي حكيمِ العرب، كان عالمًا بالفقه، بصيراً بالأحكام، ذكره الدارقطني في أصحاب الشافعي، وكان سليمًا من البدعة، راغبًا في مذهب أهل السنة، وكان أحد أعلام الدنيا ومَن قد اشتُهر أمره، وعرف خيره، ولم يستتر عن الصغير والكبير من الناس فضلُه وعلمه، وسياستهُ ورياسته لأمره وأمر أهل زمانه من الخلفاء والملوك، واسع العلم بالفقه، كثير الأدب، حسن المعارضة، قائم بكل معضلة، وغلب على المأمون، حتى لم يتقدمه أحد عنده من الناس جميعًا، أخذ بمجامع قلبه حتى قلَّده قضاء القضاة، وتدبير أهل مملكته، وكانت الوزراء لا تعمل في تدبير الملك شيئاً إلا بعد مطالعته، وكان المأمون أراد أن يولي رجلاً على القضاء، فوُصف له يحيى، فاستحضره، فلما دخل عليه، وكان دميم الخلق، فاستحقره المأمون، فعلم ذلك يحيى، فقال: يا أمير المؤمنين! سلني إن كان القصد علمي لا خَلقي، فسأله عن مسألة في الفرائض، فأجاب عنها، فقلَّده القضاء.

ولما ولي قضاء البصرة، كان سنه عشرون سنة، فاستصغره أهل البصرة، فقالوا: كم سن القاضي؟ فعلم أنه قد استُصغر، فقال: أنا أكبر


(١) انظر: "وفيات الأعيان" لابن خلكان (٦/ ١٣٩).