للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأخبار يحيى ونوادره كثيرة، ولم تزل الأحوال تختلف عليه، وتتقلب به إلى أيام المتوكل على الله، فلما عزل محمد ابن القاضي أحمد ابن أبي دؤاد عن القضاء، فوض الولاية إلى القاضي يحيى، وخلع عليه خمس خِلَع، ثم عزله في سنة أربعين ومئتين، وأخذ أمواله، وولى في رتبته جعفر بن عبد الواحد بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي، فجاء كاتبه إلى القاضي يحيى، فقال: سلِّمِ الديوان، فقال: شاهدان عدلان أنه أمرني بذلك، فأخذ منه الديوان قهراً، وغضب عليه المتوكل، وأمر بقبض أمواله وأملاكه، وإلزامه بيته، ثم حج، وحمل أخاه معه، وعزم على أن يجاور، فلما اتصل به رجوع المتوكل، بدا له في الرجوع يريد العراق، فلما وصل إلى الرَّبْذة، توفي بها يوم الجمعة، نصف شهر ذي الحجة، سنة اثنتين وأربعين ومئتين، ودفن هناك، وعمره ثلاث وستون سنة.

وأكثم - بفتح الثاء المثلثة -: هو الرجل العظيم البطن.

وحكى أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن سعيد، قال: كان يحيى ابن أكثم القاضي صديقًا لي، وكان يودُّني وأودُّه، فمات يحيى، فكنت أشتهي أن أراه في المنام، وأقول له: ما فعل الله بك؟ فرأيته ليلة في المنام، فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي، إلا أنه وبَّخني، ثم قال لي: يا يحيى! خَلَّطت، فقلت: يا ربي! اتكلت على حديث حدثني به أبو معاوية الضرير عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّكَ قُلْتَ: إِنِّي لأَسْتَحْيِي أَنْ أُعَذِّبَ ذَا شَيْبَةٍ